عبد الجواد صالح.. شخصية مكافحة ثابتة في وجه الرياح العاتية

محمد زحايكة | القدس العربية المحتلة

تعرف الصاحب على جانب بسيط من الشخصية الوطنية المستقلة المناضل عبد  الجواد صالح – أبو صالح  رئيس بلدية البيرة المبعد بالصدفة بينما كان الصاحب مع مجموعة من الرفاق من أهل اليسار الجذري يستقلون سيارة من نوع  ” فان”  فيما يتهيأ للصاحب ، وهي تنهب شوارع عمان متجهة إلى مكان ما للمشاركة في مؤتمر عقد لبحث الاشتباكات والمناوشات الطلابية التي حصلت في جامعة بيرزيت بين أنصار القوى الوطنية من جهة وانصار الكتلة الإسلامية من جهة أخرى أوائل ثمانينات القرن المنهزم.  وكان الصاحب قد حضر  في الظاهر والعلن للمشاركة في هذا المؤتمر ولكنه انتهز الوضع لتمرير وتنفيذ  مهمة  خاصة  ذات طابع غير علني .

وسرعان ما لفتت شخصية صالح الذي كان يجلس بجانب السائق اهتمام الصاحب وهو يسيطر على الحديث بصوته الجهوري وقهقاته العالية الرنانة التي تنم عن شخصية جريئة وناقدة للفساد والأخطاء من قبل بعض القيادات المترهلة التي عفا عليها الزمن. وفي نفس الوقت كان طرح أبو صالح طرحا متزنا فيه مسؤولية عالية ويركز على أهمية تجنب أية صراعات جانبية وتوجيه الجهود والطاقات لدحر الاحتلال الجاثم على الأرض الفلسطينية كونه الوحيد المستفيد من أي صراع ثانوي وجانبي .

وعاد الصاحب إلى أرض الوطن ودراسته في جامعة بيرزيت، وواكب بشكل حثيث نشاط وحراك ثلاثة  من أبناء عبد الجواد هم المحاضر المعروف د. صالح وشقيقاه عمر وناصر  الإعلامي والصحفي  اللامع. وكان ثلاثتهم حديث الجامعة نظرا للحالة الخاصة والحراك الحيوي الذي يثيرونه من نقاشات سياسية صاخبة برز فيها ناصر وعمر إلى حد ما ومحاضرة علمية أكثر من رائعة قدمها د. صالح الابن الأكبر أمام جمع غفير من جمهور الطلبة والطالبات .

 وبشكل ما عكس الأبناء الثلاثة سمات من شخصية الأب القوية الواثقة التي تضرب الحديد وهو حامي وتقول للأعور أعور في عينه كما يقال، وتقاتل ضد الفساد حتى آخر رمق وبدون هوادة وبلا تراجع . ولا يدري الصاحب كيف ربط بين صالح والراحلة سميحة خليل رئيسة جمعية انعاش الأسرة  في البيرة ، هل لأنهما من مدينة واحدة وتشاركا في مرحلة ما، قبل أبعاد صالح في هم عام مشترك واحد  أو لتشابه في شخصيتيهما من حيث التقارب في الانتماء السياسي المستقل  وإن اعتبر صالح  قريبا من الحزب الشيوعي الفلسطيني في ذلك الوقت فيما اعتبرت  سميحة خليل أقرب إلى فصيل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين كون بعض أولادها ساجي وخليل كما يحسب الصاحب  من قياداتها في الخارج أو لما تميزا به من جرأة وعناد في الطرح السياسي النقدي.

ولدى عودة عبد الجواد صالح إلى أرض الوطن بقي صوته مجلجلا  ضد الفساد والفاسدين وبقي صوتا وحدويا عاليا داعيا إلى التوحد على برنامج سياسي واحد واقعي والعمل على إصلاح جذري في بنى وهياكل منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني  وترتيب البيت الفلسطيني وتحصينه من الداخل لمكافحة الفساد وممارسة العملية الانتخابية والديمقراطية بشفافية عالية وتداول السلطة والرجوع إلى الشعب في القضايا المفصلية حتى تبقى قضية شعبنا متوهجة وحية وقادرة على فرض نفسها على العالم وصولا الى تحقيق  الأهداف الوطنية العليا في الحرية والاستقلال والسيادة الكاملة.

عبد الجواد صالح قائد نموذجي من الزمن الجميل وسياسي وطني رهن ذاته لقضية شعبه وبقي حاملا شعلة الكفاح رغم  بلوغه من العمر عتيا ولكن قلبه ما زال  شباب وعقله مستنير ومنفتح على كل ما هو  صالح ومفيد  لقضية الوطن والشعب المقدسة، بقي  صامدا في وجه الرياح العاتية على طريق الحق والمبدأ  الصحيح العادل الموصل إلى أجمل الغايات والنهايات .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى