الحافلة والمحاضرة.. قصتان
سالم عبد العظيم موسى | ليبيا
الـحـافـلة
لقد تـأخـرت الـحـافـلة كـثيرا، بـَدَأت نـبـضات قـلبي بالتسارع، بدأ الخوف يـَتَـنامى في داخـلي، وقـفـتُ وتـوجـهتُ للـنـافـذة، فـَتـَحـتها وألـقيـتُ نـظّرة عـلى الـشـارع، تـبـاً لـمـاذا لـم تـأتي؟!.. أغـلقـتُ الـنـافذة بـأرتبـاك ، نـظـرتُ للـسـاعة الـمُـعلـقة على الـحائـط، الـسـاعة تـُشيـًر إلى الثامنة صباحاً، لقد بـدأت الـحصّـة الأولى الآن، مـؤكّـد أنَّ الـطـلاب ينـتظرونني، لابـد أنْ أفـعـل شـيئاً لـقد تـأخرَ الـوقت، فـتـحتُ بـاب الشقـّة، فقابلني جـاري صاعداً الـدرج حاملا كيس مـلىء بالـخبـز وقال لي: جمعة مباركة ياجـاري!
^^^
الـمُـحاضـرة
كـانـت الـقـاعة ضـيـّقة مـُظلـمة تـَعـُج بالـكثيرمـن الجالسين، تزاحمتِ فيها الأجساد الـمتـلاصـقـة لتـزيدها ضـيقـاً عـلى ضـيّق، أضـف إلى ذلك فـلاَشـات الـكامـيرات الكـثيّـرة التي تـسّطـع في وجـوهـنا بـأستفزار لـتزيـّد من كـآبة المـشهد ، كـُل هذه الـفوضى جـعـلتني لا أتـابـع ذلـك الـمُحَـاضر رغـم مـَا يـقـوّلونه من كـلام مـهـم، تَـشَتتَ أنـتـباهي تماماً وضـاقـت أنـْفـاسي، وشـعـرتُ برغـبـة قـويـّة للـخروج بـسـرعة من ذلك البـاب، أخذ صـوت المـُحاضر يـختفي شـيئـاً فشـيئـاً، ونـَفـَسي يـزداد أخـتناقاً، نـهضـتُ مـن مـقـعـدي وشـقّـيـت طـريقي بـصعوبة بـالغة نـحو بـاب الـقـاعة فـأنا لـم أعـد أسـتطـيع أحـتمـال هـذا الـوضـع خـرجت مـُسٰرع الـخُطى للبـوابة الكبيرة حيث قابلتني نسمات البحر التي ملأت بها رئتي منتشيا وأنطلقت مع ذلك الشارع ولم ألتفت.