لا شيء إلا سكّةُ القطار القديمةَ

أحمد خميس | أديب وروائي سوري مهاجر

1

ويمحو خطايَ ذاكَ المقتفي
وأنا الهالكُ
في يقيني
أحسبُ الأيامَ يوماً بيومٍ
وأهذي بِمَنْ هدّني، وصَدَّ عنّي
أمشي الشوارعَ كالأشباحِ وحدي.
وألقي على أضواءِ المدينةِ الخرساء
شالاتَ أمّي
وأقيسُ المسافةَ بينَ العيونِ السّود
والجسرين.
مآذن تصدح دماً.
مَيْتٌ ونصفٌ، وألف مَيْت
ذكريات كالرعود تدوي
فتصلّي النوافل في جامعها “العتيج”
وبالرحيل المرِّ تكفرْ
لا شيء إلا سكّةُ القطار القديمةَ
وأغنياتُ الغجر شمالَها بقيتْ
وثلاثةُ أسنانٍ من الفضّة
وقبرٌ لم يتسعْ لكلّ هذا الشهيدْ.

2
يا للسابحينَ في بحرِ شعري
الجاثمون كالموتِ
على صدري
وفي عجزي
وليسَ إلّا نحو الفرات أمضي
أعمّدُ فيه حماقاتي
وأنحرُ على مذبحهِ المقدّسِ
أُكرةَ باب الرشيد.

 

3
الأرامل ضلّتْ خلفنا
يا كعبةُ الأشرافِ
والطواحينُ تسحنُ وجدنا
وتذروا غبار الشمسِ للراحلين
والبنتُ ذاتُ العيونِ الشّهل
أودعتْ في خزينة الأمواتِ
كحلَها
وشالَ الحريرِ
وخواتمَ الفضّة
ورسائلَ الأرواحِ التي ذهبتْ
وتُسلِمُ لأمواجِ الغبار
شعرها الذهبيَّ
وتجتازُ المدائنَ تلو المدائنِ
وغربال العروبة يذروا العواصمَ
فلا البوق العظيم سيوقظهم
وكهف الفتية الأبرار
والكلب سابعهم
قصفته مسيّرة لا تحيد.

 

4
وحده حارسُ الكهفِ الزنيم
يلوح للنساء الصاعدات متن الشمس
ويلوكُ ما بين أنيابه الصُفر
جماجماً مطحونة كالبُنّ
وأحذيةً لصبيةٍ خرجوا
نهار العيد.
وعادَ عيدٌ، وألفُ عيدٍ
وما عادوا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى