حديث المساء

هند خضر | سوريا
في المساء تتكاثر المشاعر ،تتوهج الروح ، يتورد القلب يبدع العقل وتفرز الأصابع حبراً على الورق ما إن داعب الشوق أهدابي لرؤيتك، فكيف إذا تواضعت اللقاءات وتنازلت الأحلام عن كبريائها ورأيتك في واقعي ماذا سيحدث؟ ؟
أتوقع أن يتغير شكل الأرض الكروي حينها ،ممكن أن تلتهب الشمس في غربة ليل جليدي، قد تمطر في صيف آب وينقلب الخريف ربيعاً ..
احتمال أن تصبح أيام الأسابيع ثمانية وفصول السنة خمسة والأشهر ثلاثة عشر …
لاشك أن المحال يغدو ممكناً ما إن أمسيت بين يديك ..
هذه الليلة هي واحدة من أمسياتي الحالمة بك، الوردية معك والمخملية بهمساتك..
بحثت كثيراً عن بائع للأحلام لأشتريها منه مقابل وردة، وأنا في طريقي إليه وجدتك، فكنت الحلم الذي انتظرته طيلة حياتي، لا أعتقد أن للصدفة يد في هذا اللقاء وإنما إيماني المطلق بأن القدر قد رتّب له وأخذ لي منك موعداً لأجدك على جسر الترقب تنتظرني وحولنا أمواج البحر تتقاذف عشقنا، رمله الكثيف الذي نكتب عليه أسماءنا وبجانبهما قلباً مغرماً اخترقه سهم التمني، طيور النورس تتعلم لغة التحليق في سماء العشق من هيامنا ببعضنا ومن ثم تعود لترتشف قطرة حب عن وجه تلك المياه الزرقاء.
منذ عرفتك وتلك الأماني التي رسمتها لك غفت على زند الليالي ، دخلت في حالة نوم عميق وضعتها قيد الانتظار ،لن أتنازل عنها قيد شعرة ريثما تستفيق من رقادها ..
دائماً لحديث المساء نكهة مميزة عبارة عن خليط من لوز وسكّرلأنه عنك وحدك، أنت تعرف أنني أحبك، بل حبي لك ما يميزه أنه غير مشروط وما من قيود تعيقني حتى أن حبال الوصال متينة للغاية رغم الدروب الطويلة التي لا تؤدي إليك، الأسلاك الشائكة المزروعة أمام خطواتي، الوجع الذي يركن في حنايا روحي والآه المتربعة على صدري هي وليدة الحسرة القابعة فيه والتي لا تفارقه أبداً ،ذاك الأمل المعلق على جدران الزمن والذي سيبقى معلقاً إلى أجلٍ غير مسمى ،أعي تماماً أنني لن أقطف ثمرة صبري وانتظاري ولن أبلغ مرادي إلا أنني لن أتوب عن حبك حتى لو كان من الخطايا.
وحقّ كل آه تأكل من عافيتي كل أمسية أنا أتنفس هواك، أتعافى بوجودك وأضع من بقايا عطرك الفواح في عالمي على عنقي وأنتظرك.
أهذي بك ،يطاردني وجهك في سهراتي عندما أكون وحيدة وفي أضواء سيارات مدينتي المنسية فتأتيني أنت، تنتشلني من قوقعة الظلام التي أقبع في داخلها ، تشعلني كما تشعل سيجارتك ونبدأ حديثنا المسائي المثقل بوجع الوجد، المفعم بروح الغرام والمعطر برائحة الهيل المتصاعدة من فنجان قهوتك الشهي المحلى بقطعة سكّر ذابت به كما ذبتَ أنتَ في قلبي.
سيد تفاصيلي:
أريد أن أسألك: هل تستطيع أن تحدد كمية حبي لك؟
أقسم لك بأنك لن تجد الإجابة لو مهما أجهدت تفكيرك..
لماذا يا سيدة الأنوثة ؟ألستُ أنا من يحبك جداً؟
لأن حباً كهذا لا يمكن أن أرسم له حدوداً ولا أقيده بإجابة وأضع في نهايتها نقطة انتهى فهذا الشعور الذي وضعه الإله في قلبي لك لا بل سكبك في قلبي سكباً لا ولن ينتهي..
في هذه الساعة المتأخرة من الليل الهارب من خارطة الوقت ماذا تفعلين في الخارج؟
بعد منتصف الليل يشعل الحنين قناديله في روحي فأشتاقك وليس باليد حيلة، أخرج إلى شرفتي ،أكلم نجوم السماء عنك، أودّ لو بإمكاني التقاطها برؤوس أناملي وأقدمها لك عربون حبي فأنا من عشاقها و أوصل لك من خلالها رسالة أقول فيها: أيتها النجوم التائهة اخطفي لمعة عيوني واذهبي بها إليه لتضعيها في عينيه، كوني شاهدة على سهري، أرقي، ليالي سهدي وبركان الشوق الذي يثور في داخلي، لقد عشقت مفهوم الليل من أجل عينيه ومن أجل عينيه عشقت الهوى ..
ما كل هذا يا سيدتي أيُعقَل أنني أُعشَق لهذه الدرجة؟
من مثلك يا سيدي ومن يشبهك في هذا الزمان؟حالة عشق لا تتكرر لو تطلب البحر في عينيك أسكبه، لو تتمنى أن تمسك الشمس سأقبّل رموشها من أجلك وأطلب منها باستحياء أن تتفضل معي فألقيها بين كفيك، لو أدركتُ يوماً ما أنّ ضرراً يمسّك تأكد بأن روحي بين يديك.
لا تراهن على تلك الصبابة التي أكنّها لك في أعماقي ففي داخلي ثورة من الإحساس لم أقم بها لسواك ..
لسيدة النساء وآلهة الجمال أقول كلماتي:
إن الله وضعك في طريقي ليكتمل يقيني بأنه خبأكِ لي وحدي، طعم السعادة لم أتذوقه إلا معكِ ، ومن غيركِ أنتِ سبر أعماق ذاتي، اكتشفتِ خبايا نفسي وأسرارها ومنحتيني قداسة الحب الروحي، فاتنتي، مدللتي ،ملكتي ،أميرتي، نجمة قلبي والإلهام الذي أستوحي منه أفكاري وكتاباتي، سأدوّنك قصيدة يتغنى بها الشعراء، سأكتبك وأكتب لك كل يوم حتى يعرف كل الكون من هي الأنثى التي استقرت تحت جلدي وتغلغلت في مسامي فأنتِ لي في ليلةٍ من الليالي صوتاً وصورة ..
سالت لؤلؤة من عيني قبل أن أُنهي كلامي معه لأنني على بقين بأننا لن نلتقي وتلك الأحلام التي حلمنا بها معاً يبدو أنها ليست على مقاسنا ومابين الألم والأمل كان ردي:
شيء ما يناديني إليك، يسرقني من نفسي ليأخذني نحوك، أصبحت حلمي في واقعي وإن كنت صعب المنال، أمسيت النسمة اللطيفة التي تلفح ملامحي الشرقية، غدوت دوائي عندما ترتفع حرارة قلبي، مضاد الالتهاب لتلك الالتهابات العاطفية المتمكنة من صدري والمهدّئ لروحي عندما تئنّ وتحتاجك ..
لا أحد يستطيع فعل ما قمت به معي، ما قدمته لي أغلى من كنوز الأرض، مساعيك لرسم ابتسامة على شفاهي وسط دموعي لن تُقدّر بثمن، شغفك في قراءتي وتحمّلك لنوبات جنوني وعصبيتي قبل احتوائك لحظات هدوئي و فرحي، شاركتني ألمي قبل أملي وتلونت صفحات حياتي بالأبيض فقط لأنك مررت على سطورها وصرتَ بطل حكايتي ولهذا خير ما أفعله في مسائي هذا أن أنقش صورتك على وجه القمر كي أراك يومياً فأحادثك، أتغزل بجمالك، أسرد لك تفاصيلي اليومية، أحكي لك عن وجع يمتد في ضلوعي كسرب حمام، عن اشتياق يعزف على أوتار فؤادي عزفاً حزيناً وأبكي أمامك لتعرف ماذا سيحلّ بي بعدما تغيّبك الأيام عني وسيبقى اسمك سبب تبدّل معالم وجهي وقلقي كلما ذُكِرَ أمامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى