يَفْضَحَنِي قُرّاءُ فَناجِينِي
تركي عامر | فلسطين
مِنْ غامِضِ عِلْمٍ لا يَنْفَكُّ يُفاجِئُنِي،
جاءَتْ كَالشَّمْسِ. وَيا عَيْنِي!
حَسَنًا. ما كانَ اللَّيْلُ هُنا.
لَوْ كانَ لَعاتَبَنِي.
لا أعْرِفُها. لا أعْرِفُ شَيْئًا عَنْها.
لٰكِنْ يَبْدُو تَعْرِفُنِي.
ضَحِكَتْ. واتانِي شَلَلٌ كُلِّيٌّ.
لَمْ أضْحَكْ. أفْهَمُنِي.
شَفَتاها مَدْرَسَةٌ مُتَخَصِّصَةٌ
بِعُلُومِ النّارِ، بِتِلْكَ النّارِ تُهَدِّدُنِي.
لَمْ أجْرُؤْ أنْ أتَوَغَّلَ في عَيْنَيْها
ثانِيَةً. قَدْ أُقْتَلُ حالًا.
مَنْ في هٰذا الحَرِّ سَيَدْفِنُنِي؟
لَنْ أنْسَخَ “وَالشَّعْرُ الغَجَرِيُّ” لِئَلَّا
يَفْضَحَنِي قُرّاءُ فَناجِينِي.
حَطَّتْ فَوْقَ الكُرْسِيِّ كَأُغْنِيَةٍ.
قَدْ يَقْفِزُ قَلْبُ القارِئِ: “إنِّي
أغبِطُ ذائِقَةَ الكُرْسِيِّ كَثِيرًا!”.
أغْلِي وَتَثُورُ شَرايِينِي:
قُمْ أكْمِلْ هٰذا المَشْهَدَ عَنِّي! أوْ
دَعْنِيَ أُكْمِلْ!
لا تُخْرِجْنِي عَنْ دِينِي!
ما فِيَّ كَثِيرٌ، جِدًّا يَكْفِينِي.
حَطَّتْ فَوْقَ الكُرْسِيِّ كَأُغْنِيَةٍ.
أخَذَتْ نَفَسًا. طارَ الزِّرُّ الأعْلَى.
ظَهَرَ الصُّبْحانِ. وَيا دِينِي!
هٰذا يَسْتَجْوِبُ قَلْبِي،
ذاكَ يُحاوِرُ لِي قَلَمِي.
سُبْحانَكَ يا مَنْ طَيَّرَ لِي عَقْلًا
في العادَةِ يَعْقِلُنِي،
لَوْ شِئْتُ فَيَهْدِينِي.
وَعَلَى ساقٍ وَضَعَتْ ساقًا
كَنَبِيذِ الجَنَّةِ يُسْكِرُنِي.
عَيْنِي هَرَبَتْ مِنِّي.
راحَتْ تَتَسَوَّقُ بَرْقًا يَحْرُسُ رُكْبَتَها.
فَانْحَسَرَ الدَّنْتِيلُ الأسْوَدُ عنْ
رَعْدٍ لا يَرْحَمُ حَيًّا أوْ مَيْتًا،
هَلْ يَرْحَمُنِي؟
ضَبَطَتْنِي أكْتُبُ في ذِهْنِي،
شِعْرًا قَدْ يَنْسِفُ نِصْفَ دَواوِينِي.
ضَرَبَتْنِي الشَّمْسُ عَلَى عَيْنِي.
فَصَرَخْتُ أنا: أَيْنِي؟ أَيْنِي؟
سَيَقُولُ النّاقِدُ إِنِّي قُلْتُ “أنا”
تَوْكِيدًا لِلْجُرْمِ المَشْهُودِ، وَيَرْمِينِي
بِعِباراتٍ لا تُخْرِجُ ماءً مِنْ طِينِي.
سَأَقُولُ: دَحَشْتُ أنايَ هُنا
عَنْ سابِقِ قَصْدٍ كَيْ أتَحاشَى
عَيْبًا يَكْسِرُ لِي وَزْنِي،
وَتَفُوتُكَ كِسْرَةُ مَكْنُونِي.