الدروس التربوية المستوحاة من الهجرة النبوية

 

د. طارق محمد حامد | أكاديمي مصري

في صحيح البخاريّ: “استأجر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأبو بكر رجلاً مِن بني الدِّيل وهو مِن بني عَبدِ بن عَدِيٍّ هاديًا خِرِّيتًا -والخِرِّيتُ الماهرُ بالهداية- قد غَمَس حِلْفًا في آل العَاصِ بنِ وائلٍ السَّهميِّ وهو على دين كفَّار قريش فَأمِنَاه فدفعا إليه راحلتَيهما وواعداه غار ثَوْر بعدَ ثلاثِ ليالٍ براحِلَتيهما صُبْح ثلاثٍ وانطلَق معهما عامرُ بنُ فُهَيْرةَ والدَّليلُ فأخذَ بهم طريقَ السَّواحِل”.
في هذا الحديث هناك ملمحان تربويان من أهم الملامح التربوية علي الإطلاق:
الأول: أن العبادات العظيمة في الإسلام لا ينوب فيها أحد عن أحد.
ونستنبط هذا الأمر من أن النبي صلى الله عليه وسلم و أبا بكر قد استأجرا الرواحل و كذلك الدليل ودفعا الأجرة سيدنا أبو بكر ثم أعطاه سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حقه الذي يخصه و ذلك لأن عمل الهجرة عبادة و عبادة عظيمة في الإسلام و ربما لا تكون إلا مرة واحدة- بمعناها هذا – في حياة النبي صلى الله عليه وسلم و كذلك في عمر دعوة الإسلام قاطبة و يعد هذا أيضا من عبادة تعظيم شعائر الله – عز وجل-  لاكتمال الأجر المستحق من وراء هذه العبادة العظيمة وكذلك نحن يجب أن نقتدي بسيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم-  في كل عبادة عظيمة نتعرض لها في حياتنا كالحج والجهاد في سبيل الله ونستوحي كل معاني الهجرة في كل حياتنا من التخطيط السليم والتوكل علي الله واليقين في موعود الله عز وجل واختيار الصحبة الصالحة واختيار الطريق الصحيح واختيار الوجهة الصحيحة و النظر في عواقب الأمور والتطلع إلى الغايات والأهداف العظيمة .
الثاني: جواز الإستعانة بغير المسلمين في الأمور التي يفتقر إليها المسلمون ولكن بشرط أن نعمل لكي نتعلم هذه الأمور ونصل فيها لدرجة تكافئ مهارة الغير فيها ولذلك ندب النبي صلى الله عليه وسلم من يتعلم السريالية (لغة يهود) من الصحابة فتعلمها زيد بن أرقم في سبعة عشر يوما وعاب الإمام أبو حامد الغزالي علي بلد فيها أكثر من طبيب من غير المسلمين وليس بها طبيب مسلم واحد وهذه حالة يتعين علي أهل هذا البلد أن يتعلموا الطب حتي يصلوا إلى حد الكفاية من الأطباء ويستغنوا عن غير المسلمين في هذا المجال .
المعاني التي نتعلمها من الهجرة كثيرة وعظيمة وكل يوم نتأمل فيها نخرج منها بدروس جليلة تنفعنا في ديننا و دنيانا .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى