زينك وشينك من نفسك

بدرية بنت حمد السيابية

هناك مثل من الأمثال المعروفة لدينا وفي الحقيقة كنت دائما أسمعه من عند أحد الأقارب باستمرار وما زلت أسمعه فيقول المثل :”الواحد زينه وشينه من نفسه” عبارة تحمل في طياتها معنى واضحا يُقصد به بأن الشخص يستطيع أن يكون محبا أو كريها حسب معاملته مع الآخرين بأسلوبه، يجعل من يستمع إليه معجبا بكلامه وأخلاقه؛ فالزين مضاد الشين فهو مخيرا حسب ما تميل إليه نفسه للأحسن والأفضل، فهناك الصالح والطالح وهناك من يتباهى بنفسه ليندرج تحت الغرور والتكبر وهذا يعكس شخصيته.

إن المعاملة الحسنة من الأمور الضرورية التي يجب أن تظهر بها مع الآخرين، والتقدير يعني أن تعبّر عن سعادتك وامتنانك اتجاه أفعال الآخرين، هذا بلا شك يجعل الآخرين دائماً وأبداً يلتصقون بك ويحبون أن يتعاملوا معك، وهذا خطوة نحو التأثير اتجاههم ، عند ذهابك لمكان عام وتجد زميلا قد مر عليه زمناً طويلاً لم تره وشاءت الأقدار أن تجده صدفة أمام عينيك فتسرع وتلقي التحية عليه فتفرح القلوب وتشكر الله على اللقاء الطيب بينكم-ولكن بعضهم وللأسف الشديد عند رؤية زملائهم أو أصدقائهم فيمروا من أمامهم مرور الكرام لا سلام ولا كلام علما بأنه يعرف هذا الشخص معرفة تامة .

وهذه حقيقة تحدث لدى بعضهم حتى لو أنت بادرت بإلقاء التحية عليه فتجده يتهرب منك، فتفكر في نفسك لماذا هذه المعاملة؟ أيعقل أن يتغيروا عليك وكأنك سراب لا يراك أحد فتزرع في النفوس الحيرة، إن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نلتزم الحكمة في التعامل مع الناس وهذا عينُ العقل. يقول الله عز وجل: “ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ” سورة النحل ١٢٥، والموعظة الحسنة هي محتوى الكلام الذي يدعو إلى شيء طيب .

وبعضهم يعمل هذا الفعل قاصدا وكأنه يقول :”أنا وين وهذا وين” الأحسن أن أخرج من هذا المكان قبل أن يتعرف عليًّ فيهرب مسرعا مخلفاً وراءه التصرف الشين في ذلك، لربما عزيزي القارئ ستضع احتمالاتك التقريبية بأن يكون هذا الشخص محتاج ومجرد أن يشاهد شخصا أنعم الله عليه بنعم كثيرة يطلب منه خدمة تساعده في فك أزمته أيا كان نوعها، فيسرح تفكير الطرف الآخر في بعض الظنون، ليس شرطا أن تشاهد أحد تعرفه حق المعرفة، أن ترمي كل مشاكلك المادية والنفسية على كاهله، السلام والتحية حث عليها ديننا الحنيف لتقوية علاقتنا بالناس وتنفيذا لأوامر الله ورسوله في إلقاء التحية لقوله تعالى (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا) (النساء/ 86). السلام عليكم، أو سلام عليكم، هي تحية الإسلام، والإنسان يعمل ويسعى ليحصل على الأمان لنفسه وعرضه وماله.

لنجعل من أنفسنا قدوة حسنة ونغرس داخلنا حبنا للتغير الإيجابي دوماً والسعي للخير في كل وقت وحين ولا ننظر للغير نظرة التعالي والتكبر حتى لا يكرهنا الغير وتفادي غضب رب العباد منا، فالإنسان يستطيع أن يغير مجرى حياته بعقله وبفكره من بعد الله لذلك ميز الله الإنسان عن بقية سائر المخلوقات “بالعقل” أحبوا أنفسكم أولا ثم انطلقوا بمحبتكم عبر هذا الكون الواسع وانثروا بريق السعادة لمن حولكم ليذكروكم بعد مماتكم وتكونوا أثرا طيبا، فالواحد زينه وشينه من نفسه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى