أمـــــاه
منى النجم | العراق
هاهو العاشر يقترب، وأنت في غيابك سادرة. تلك القدور المسخمة تنتظر الإياب،فليس من يد تضيف نكهة للطعام إلا يدك، وليس من حزن يسربل الأرواح إلا حزنك، وليس من عزم يشد الأرواح للعمل في تكية العزاء إلا روحك المشدودة بوشائج الحزن الشفيف لسيدة مسربلة بالوقار تخطف عليك طيفا.
بعدها تكوني على أهبة الاستعداد كأنك محارب عتيد من طراز خاص، يرتدي بزة المعركة بصبر تليد، تتجشمين العناء وأنت ترحلين لذلك المأتم كحاملة لمشعل الذكرى. تمر الليالي وكل له غاية إلا غايتك، أن تكوني السباقة بالوفود لمحشر الطاهرات، وعزاؤهن الممتد من أرض النواح لعنان سماء الخلد، يسجلن أسماء المخلصات بمجسات الولاء، فيثبت أجر ويمتد السخاء والعطاء حتى ينبلج يوم العاشر، فتحتشد النسوة مسربلات بسواد الفاجعة حافيات الأقدام وملطخات الرؤوس بالطين والأسى.
إذا نظرت إلى وجوههن أدركتك الغموم كالسيل العرمرم لا ينقطع، وتخال أنك لفرط الوجوم في ساحة العرض، والقوم يتوافدون لعزاء فاطمة، وهي تختم جواز المرور بآهة ودمعة، كل الوجوه تبكي يوم القيامة إلا عين بكت على سيد الشهداء أو باتت ساهرة تحرس معه العيال. أو شّدت مع موكب نسوته إلى الشام سبيا عصا الرحال، ويظل الحسين، بوجه أمي ثورة كل الدهور محال نسيانها محال.