ما لم تقله الجراح
حسن محمد العمراني | مصر
ومازلت تركضُ
بين التماس النجاةِ
وبين اشتهاء المسيرْ
ومازلت تبحرُ
والموجُ دونكَ
يعقدُ صفقتَه
للفتاه التي تستلذُ التدفقِ فيكَ
وتمرح بين الوريد وبين الوريدِ
وتدرس ألفية الروحِ
كيفيهَ الوقفِ والوصلِ
بين الشعور وبين الشعورْ
وقلبكَ طيرٌ جريحٌ
توسده الشعر يوماً
فحط على جسم أنثى
تعبأهُ بالمدادِ
وأخرى يفرغ في ناهديها
رحيقَ السطورْ
علامَ إذاً تندب العمرَ
إنْ ضيعته الغواني
وما زلن يسبحن فيكَ
ويسرقن نبضكَ
بين الغياب وبين الحضورْ؟
امازلت تجهلُ
أن النساءَ اللواتي
سيَضربن نحو حدودِ امتلاكِكَ
اسفارَهُنَ
عقيماتٌ فكرٍ إذا ما عشقن؟!
فكيف يفككن أزرارَ قلبكَ
يَعرفن أنكَ
حين تغازل محبوبةً تشتهيكَ
تصير المسافات بينكما
قاب قوسين أدنى
ويكتسب الوجدُ وجدا
ويتَّقد الشعر لوناً وقدا
وتشتبق الأرض تحتكما للسماءِ
ويفني الأخلة حولكما كالأثيرْ!
وكيف سيدركن أنكَ
حين تحادث محبوبةً تشتهيها
يصير حوارُكَ صمتاً
وصمتكَ صوتاً
يجاوز نافذة القلبِ
رغم احتدام دماء الإشاراتِ
عند الوقوف وعند العبورْ؟
هو المجد أنَّى يطاولنه
كيف تسطاع فاتنةٌ
أن ترتب ذاكره القلبِِ
تضبط ساعاتِه؟
ثم تعرف
أنك حين تغنِّي
فتلك محاولةٌ للتصالحِ
بين الشهيق وبين الزفيرْ!
وكيف ستسطاع فاتنةٌ
أن تلملم أفكارَكَ المستباحةَ
بين سراديب شِعركَ..
تسبر غور التلاحم فيكَ
وترصد خط التداخلِ
بين التعقلِ واللاشعورْ؟
وكيف سيؤويكَ صدرٌ جموحٌ
تعوَّدَ جسمكَ خارطةً للنفاذِ
ومتسعاً للمرورْ؟
مُحال صديقي!
فما أنت إلا محطة شوقِ
على جانبيها
النساء جلسْن قليلاً
تَعاورنَ أوجاعهن
وغيَّرن جلدَ المسافةِ
نبضَ الطريقِ
رداءَ المشاعرِ
لونَ التذاكرِ
عند ازدحام قطارات قلبكَ عشقاً
وعند انقباض شعيراتِ صدركَ
مثل النفيرٰ
فمن سوف تسْلمُها الآن جسمكَ
مفتونةٌ بانهزامِكَ
مشحونةٌ بحروفِ احتوائكَ
تشْتق تاريخها من عروقكَ
تنسج أحداثها
نحو عينيكَ جسراً
عليه تقيم المواقع..
تقعدها
تستثير الحروب وتعقدها
تستلذ التشرنقَ
في خندق النونِ
تنصُبُ في السين أشراكها
ثم تتخذ الواوَ والهاءَ
حصنين دونَكَ
يا سيدي والهجيرْ
فلا تَفزَعْ الآن
ثمة أشياء تنكرها
والفتاة التي
شَكَّلَ الموج أطرافها
لم تَزل فيكَ تسكنُ
فامددْ جناحَكَ
علَّكَ تلمس طوق النجاةِ
وعلَّ فتاتكَ
تفهم لغز الرياحِ
وسَرًَ البحور!
شعر/ حسن محمد العمراني
مصر