رسالة اعتذار
بدرية بنت حمد السيابية | سلطنة عُمان
اللوحة للفنان الصيني: هي شاوجياو
ما أجمل الاعتذار حين يكون على هيئة ابتسامة أو كلمة طيبة أو تقديم خدمة مميزة حتى يقبل الطرف الآخر هذا الاعتذار بقلب صافٍ لا يحمل بين نبضاته حقد وكبرياء غير مرغوب بين القلوب الطيبة التي تستقبل كل أنواع السعادة والتفاؤل، فالاعتذار لن يقلل من قيمتك، ولن يكون عارا عليك بل يزيد تقديرك بين الناس لأنك اعترفت بذنبك سواء كان صغيرا أو كبيرا.
لربما بعضنا يغلط ولا يدرك غلطته بل يتمادى ويكابر بأنه على حق دائما ولا يجب عليه الاعتراف فيأتيك بالحجج والأدلة وغيرها حتى يقنعهم بأنه على حق وللأسف هو غير ذلك فالنفس تكابر معه مع الغرور المستفز _ كثيرة هذه الفئة متواجدة بيننا بعضهم يتحملهم وبعضهم يتفاداهم منعا للإحراج والدخول معه في معركة الجدال والنقاش، فالاعتذار خُلق وليس مذّلة، أحياناً يكون الاعتذار غير مقبولٍ لدى بعضنا وكأنه يعطي درسا قاسيا ويعلمه “ما كل مرة تسلم الجرة” بمعنى لا تتعمد الخطأ ويتكرر الاعتذار وأنت في نفس الدائرة تخطيء وتعتذر فهذا سلوك مرفوض.
يقول الله عز وجل: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). الزمر:3. فالإنسان يخطيء ويتوب ويستغفر الله حتى تقبل توبته وعدم الرجوع للمعصية بعدم التوبة فليس عيبا أن نخطيء ولكن العيب أن يتكرر الخطأ ونستمر فيه، حقا نحتاج أن نعتذر لمن أسأنا التصرف معهم كان بقصد أو بدون قصد حتى لا يحمل أحدٌ في قلبه ضدنا حقدا، وتكون سيرتنا طيبة بين الناس ويكون رب العالمين شاهدا على ما تخبئ قلوبنا من نية صادقة اتجاه أصدقائنا وأقاربنا وكل من تجمعنا بهم هذه الحياة.
لذلك يجب أن نزرع في قلوبنا حب الاعتذار في حين أخطأنا في حق أحد، ثقافة الاعتذار ممارسة تحتاجها مجتمعاتنا كثيراً، وينبغي زرعها في نفوس الأطفال أيضا بحيث تصبح جزءاً من ثقافتهم فتنعكس إيجابياً على مجمل علاقاتهم الاجتماعية لاحقاً، وعندها فقط سيستطيعون ممارسة الاعتذار بلا تردد ودون شعور بضعف أو خجل، ومن هذا المقال اوجه رسالة اعتذار لنفسي أولا ثم لكل من أخطأت بحقه بقصد أو بدون قصد.