بين أمور الدين وأفعال الدنيا
د. خضر محجز | فلسطين
ثمة أشياء فعلها رسول الله بصفته بشرا ابن بيئته، هي أمور دنيوية، كالزي والعلاج، فهو لم يأت بزي من السماء، بل لبس ما يلبس قومه، وتعالج بما يتعالج به قومه وأهل زمانه.
ولو كان في زمنه طب حديث، لتعالج به. فلا يقول أحد إنه جاء بطب من السماء، لكنه جاء برسالة وهدى.
فمن عاب عليه صلى الله عليه وسلم أن تعالج بعلاجات زمانه، فقد امتلأ قلبه بحب انتقاصه ليس إلا.
ولا يطعن هذا في رسالته ولا في عصمته، لأنه معصوم في التبليغ عن ربه. فما كان من فعل الدنيا، فقد فعله وفق ما يفعل الناس في الدنيا ليس إلا.
ولا يظن عدو لدين الله أن رسول الله ليس رسولا لأنه تعالج بما لا يعجب الطب الحديث، إلا وهو يفترض في رسول الله أنه أرسل طبيبا.
ولا يسخر من رسول الله عدو لله لأنه تعالج كما يتعالج أهل زمانه، إلا قصد أن ينتقص منه ويسيء إليه.
ولقد هلك في رسول الله رجلان: رجل قدس كل ما فعل، ورجل رفض كل ما فعل.
والتوسط هو سنة رسول الله.
فنحن مأمورون بالاقتداء به فيما بين من امور الدين، ولسنا مأمورين بالاقتداء به فيما لبس أو تعالج.
وإن سخرية أفاقين من بعض ما نقل عن رسول الله، من لباسه أو علاجه، إنما دافعه إنكار كل ما جاء عنه من الشريعة والأخلاق وبيان الغيب الذي أوحي إليه به.
إنهم يحطون من احترام رسول الله، لأنه لا يؤمن بالديموقراطية التي تعلموها من الغرب، ويرونها الحكمة الكلية. وهم لا يرون حكمة كلية إلا فيما ينالون من الأجر.
إن السخرية من أفعال رسول الله مهما كانت خروج من الملة
وإنما الحق وجوب احترامه وتوقيره ونصرته. خصوصا وهو لم يأمركم بأن تتعالجوا بعلاج زمانه ولم يامركم ان ترتدوا زي زمانه.
ثمة شعرة دقيقة بين ما لبس وتعالج وأكل، وبين ما أمر ونهى وبين وشرح.
أعرف أناسا يسخرون من رسول الله لقاء سندويتش فول.
وأعرف أناسا يسخرون من رسول الله لقاء ابتسامة من بغي.
ليس ثمة شيء اسمه الطب النبوي ولا الزي النبوي، لكن ثمة هدي نبوي وأخلاق نبوية وشريعة نبوية.
إن القرآنيين يرغبون في الحط من شخص رسول الله، لأنه وصف لقوم علاج قومه في زمنه، ليقال بأنه غير صالح للاقتداء به.
البخاري جمع ما صح لديه مما قال رسول الله وفعل، الديني باعتباره بيانا، والدنيوي باعتباره صفات وأفعال بشرية
لم يقل رسول الله لنا: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليشرب بول البعير ولبنه، ولكنه نصح أعرابا مرضوا بفعل ذلك، حسب ما رأى الناس يفعلون.
لكنه عل صعيد آخر قال: لا يؤمن أحدكم حتى أكون احب إليه من والده وولده ونفسه ومن الناس أجمعين.
وهؤلاء لا يمكن أن يكونوا مؤمنين وهم يقولون: لم يفعل هذا لمجرد أنه لا يعجبهم.
القرآنيون كفار خرجوا من ملة رسول الله، وارتدوا عن لا إله إلا الله محمد رسول الله.