أطلقوا سراح المفاتيح

سمية صالح الجعفري | مصر

أُفَضلْ لغة القوة، الضعف يُثير في روحي الغثيان، ودوما” في حرب مستميتة مع النفس لأكسر ضعفها وإحتياجها، لا أريد أن أُرثي نفسي بما فَقَدتْ، أو بما تَحتاج، بل أريد أن أُحييها بما تملك من نَعم، تارة تغلبني النفس وأغلبها تارات، ولكن ذاك الحُلم الذي زارني ليلا” قسمني وجعلني أترنح في الهواء، كورقة يابسة تتوق إلى رشفة ماء..
لا أنكر ضعفي وضيق صدري، لشعوري بالضعف والإحتياج وعجزي عن الإرتواء، ولكن يُحسب لي أنني هزمته في يقظتي..
سَبحت بمخيلتي بعيدا” كعادتي في تحليل الأنفس وكل ما يدور حولي من أشياء، لما نحن في اليقظة أقوياء وفي المنام ضعفاء ؟!
وذاك الجواب كان الأقرب إلى المنطق وتقبله عقلي إلى حد ما..
نُحكم الواقع بعقلٍ غير مُذبذب، شديد الإتزان، يمضي دوما” للأمام، لا يلتفت ولو إلتفات، ليأتي المنام ويجعلنا صرعى لأحلام تسلُبنا اللجام..
كأنما المنام بيده مفاتيح أقفال الآلآم، أقفال قلوبنا التي تُدمينا فليس لنا عليها سُلطان، وليتنا نستطيع إطلاق سراح المفاتيح ليصفو المنام..
في حياتنا الكثير من الأقفال التي سَرقَ مفاتيحها عجزنا، أو رغبتنا المستميتة في الحصول على شئ ما، أو هروبنا من أنفسنا ، وأصبح المُتحكم الوحيد في الفتح والإغلاق، إن أراد اطلق سراح المفاتيح لنتحرر، وإن أراد أَحكمْ الإغلاق، لندور في دائرة من التشتت والتخبط، نُصبح ثُكالى القلوب، ننتحب ولا نخطو خطوة للأمام..
الإحتياج هو نقطة الضعف المميتة، التي يتسرب من داخلها العجز أو الرغبة أو الهروب لنقع في الأسر، القيد الذي يجعلنا سجناء..
للإحتياج صور مختلفة، قد يكون إحتياج لتحقيق ذات، أو إحتياج لروح تُشبعنا إحتواء، أو إحتياج جسدي، أو إحتياج للنسيان، أو إحتياج للشعور بالأمان، أو إحتياج للغفران للنفس أو لشخصٍ ما لنبرأ، أو ..أو ..، هناك الكثير من الإحتياجات النفسية..
الأقوياء يستطيعوا التحكم في إحتياجاتهم بقدرة ومهارة عالية في اليقظة، ولكن لا سلطان لهم على المنام، تشطرهم نصفين تلك الإحتياجات النفسية التي تطاردهم في الأحلام، ليصحو مختليين الإتزان، ولكن سرعان ما يتداركو ذلك ويمسكوا اللجام، صراع نفسي لا يتحمله بشر، ولكن مع الوقت والتدريب لجماح النفس يستطيعوا التغلب بإحكام، أما الضعفاء يستسلموا تماما” في اليقظة والمنام، ليجدوا أن حياتهم أُلقتْ صريعة على أرصفة الطرقات..
لن أُرثي حالي ولن أجلد نفسي على خوار قوايا في المنام، ولكني سأحلم أن أجعل المنام كاليقظة، على أمل أن أُطلق سراح المفاتيح يوما”ما..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى