رسالة لابني الناجح

داليا الحديدي | كاتبة مصرية

اللوحة للفنانة الكورية لي سو بك

من جعلت له بطني رحمًا، فجعل لي حضنه وطنًأ.
اود أن ابرع في إختلاق كلمات لم تكتب لأحد قبلك.
اود أن أوسع المعاني وأن اعمقها لتعبرعن أصالة تقديري لك.
قد تعتقد أني اولمت لك تقديرًأ لنجاحك، لكني اردت تكريمك لأنك جدير بالتكريم بصرف النظر عن تفوقك وإن كان الأخير إشارة لجهدك.
سيمر العمر وقد تعيش لحظات تكريم في دراستك أو في عملك، وقد تنال تكريمات من دولتك، لكن تذكر أن امك كانت أول من شعر أن شخصك جدير بالتكريم لذاتك، لا لانجازاتك.
كنت المح تفردك الإنساني.
لن انسى حين كنت اذهب لغرفتك حبلى بالدموع فتنصت لي بقلبك.
لن انسى حين كنت تراني متخبطة فتدعمني برأي شافٍ.
سألتك يوماً: أأخطات في التصرف على هذا النحو.
فاجبت: بل كنت ستخطئين لو لم تتخذي هذا القرار.
كنت تأخذ القفازات دون علمي لعلاج القطط الضالة وحين سألتك لما لم تخبرني؟
قلت: حياة القطط أهم من استشارتك، فلم اكن لأعرض القطط لإحتمالية موافقتك أو رفضك.
انا لا اشعر اني احتفل بك لتكريمك، بل أشعر أن الله اكرمني بأن جعلني أم لإنسان مثلك
لكم ارتاح بوجودك في الحياة ولكم ابتهج بنزقك، واشعر بتكريم حين تناديني أمي.
يسئني أحياناً انك تجدني ملولة، فلا تسعد بمجالستي رغم أني أجد في الحديث معك متعة المتع.
يؤنسني ضحكك المجلجل وحتى خلافاتك مع إخوتك تجعل لبيتنا دوشة محببة.
اشعر بجانبك بالإكتفاء بل والثراء.
لكم تجعل لحياتي معنى حين تطلب مني أمنية واشكر رب العالمين أنه يجعلك تحتاجني وادعوه أن يكون معي ما البي به طلباتك.
قد يكون والدك اكثر ثراء مني .. لكم اغار حين ينقدك أكثر.
اعتذر لك عن أي شيء أسات فيه التصرف، أعتذر أني صدقت من ادعى ضعف مستواك الدراسي، سامحني لأي ضغط مارسته عليك -ولو دون قصد- أو أي اتهام بالإهمال وجهته لك.
الآن أدركت أنك ملول، تتخذ بين المذاكرة واللعب سبيل لدفع الملل.
اشعر برضا عن حالي كوني اهديتك “اللاب توب” قبل إعلان النتائج، لتثق أني لا اتعاطى معك كحوذي يكافئ حصانه بقطعة سكر جزاء لإنصياعه.
شكرا لله سبحانه أنه شرفني بحملك ورضاعتك وتعليمك ولكم أشكره لأنه يضعني في مجلس اتشارك فيه معك تنفس ذات الأكسوجين.
كنت تتسابق مع اخوتك للجلوس بجانبي فيما تسمونه كرسي الشرف، اليوم اخبركم أن الشرف كله هو أني امت لكم بصلة نسب.
انكم تحملون اسم والدكم، لكن لا تنسوا أنكم حملتم رحمي وخطفتم قلبي.
شكرا لله سبحانه انه اراني ضحكك وصمتك وسمتك واقسمت عليه ألّا ارى دمعك. بل اشكره على كل نعمه سيما نعمة وجودكم بحياتي، فهو دافع كبير للمزيد من تحسين الذات لأكون جديرة بلقب أمكم.
ممتنة لأنه جعلني اتشرف بتوصيلك للمدرسة وبمصاحبتك للمشفى وانتظارك حتى تنتهي من حفلات أعياد ميلاد أصدقائك.
شكرا لوالدك ولجهوده ولإنفاقه.
ولتسمح لي ان اتطرق لموضوع حساس
فقد تشعر أن تلعثمك نقيصة أو نقطة ضعف، لكن لو الأمر كذلك ما كان تسيد عالم الكوميديا في انجلترا شخصية
“مستر بيين”
وقد قيل له مئات المرات “أنت لا تنفع في التمثيل” لكونه متلعثم.
فاخترق عالم التشخيص بطريقته المتفردة واصبح أكبر شخصية كوميدية تثاني “شارلي شابلن”
كذلك تقلد الملك “جورج السادس” عرش بريطانيا عوضًا عن أخيه “ادوارد الثامن” رغم تلعثمه.
ولو أن الأخير عائق للنجاح ما كان الله اختار موسى عليه الصلاة والسلام ليكون رسوله بل لم ينهض التلعثم عائق ليكون موسى أولى العزم، ولكم اثق في عزيمتك.
ادعو الله ان يرسل لك ايام حلوة، وإن لم تجدني معك يومًا.. فالله معك دومًأ.
اساله يجبك، استعن به يعينك، استنصره ينصرك، استرزقه يرزقك، استأنس به يؤنسك، جالسه ينصت اليك، إلجأ اليه يجيرك.
وتذكر أن تسعد في حياتك، فالسعادة ليست من المؤجلات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى