المجد كل المجد للقتلى يا صديقي

 بقلم: ياسمين كنعان | فلسطين
Charles Amable Lenoir
قال لها وهو يسرج قنديل ليلها بالحكايات” أنا هنا كي أخلخل مداك المستتر خلف صمت ثقيل، أنا هنا كي أسد فجوات الغياب بأصابعي؛ أمد كفي إلى كفك المستسلمة لثقل الغياب؛ تتسلل أصابعي في فراغات أصابعك المشرعة للعناق..أعانق كفك، تلتحم الأصابع بالأصابع..تغمرنا لهفة التوحد ويكون لنا ما تلهفنا وما انتظرنا..!” قال لها ” أعرف أن امرأة قادرة على عزف الكلمات على أوتار القلب بمصاحبة”التشيلو”..قادرة على فهم لغة الأصابع؛ والأصابع لغة..! وأعرف أن امرأة تشبهك هي في كل حالاتها أنت..ستقول لي وهي ترسم الأفق بعينيها.. “
ليس شعرا ما يكتب في الحب؛ إنه انسكاب الروح على الورق؛ واندلاق المعاني من دواة القلب؛ وربما هو إعادة صياغة للقلب؛ كأن نعجنه بماء الحب، وعطر القصيدة، وعبق الياسمين..!” ستقول وهي تعلق نظراتها على سيجارة تحلق غيماتها أجنحة من دخان.. ” الشعراء لا يقرؤون ولا يكتبون؛ ينزفون قلوبهم وأنتم لا تعلمون؛ يقدون أرواحهم خرقة بيضاء؛ يضمدون جراح القلب بالكلمات.. وتهتفون أنتم المتلهفون لنشوة الانتصار.. النصر للقصيدة، المجد للشعراء..!
المجد كل المجد للقتلى يا صديقي، فكل العشاق في الحب قتلى، كلهم شهداء..!” كل ما أقوله لك الآن بلا جدوى؛ فلم تكن أبدا شاعري، ولم أكن ملهمتك..! أراك كل ليلة تدخل في ليلك بعد أن تتعرى مني ومن ذاكرتك..تعود إلى سريرك ورقة بيضاء،تلتحف اللاشيء ولا تنام؛ تحدق بالسقف، وترفع صوتك دون قصد ودون وعي ربما..! تقول” الليلة سأخترع ذاكرتي، و أكتبها دون حاجة لعينيك؛ لا حاجة لي لعيون واسعة مغرورقة بالعاطفة؛ لا حاجة لي لعاطفة امرأة تربك نظراتها مداي؛ لا حاجة لي…!”
وقبل أن يكتمل مشهد انهيارك أو موتك الأصغر؛ وقبل أن يغمرك الحنين ويغرقك الندم، تجمع الشراشف في قبضة يدك وتحاول أن تمزق صورة خيالي؛ تعض شفتك السفلى بغيظ وتلعن غيابي..وربما تبكي كطفل مدلل أفسده الحب..! أعرف أنك تحاول مثلي أن تتدثر بالذكريات؛ أعرف أنك تمرر أصابعك على حرير شفتي ولو وهما؛ تحاول أن تستنطق الغياب، تحاول أن تلملم الكلمة البكر عنهما؛ تحاول أن تستعيد لهفة الاقتراب الأول..!
أراك الآن بكل هشاشتك تقترب مني؛ تحاول أن تستعيد عناقنا؛ تنظر إلي وأنت تحاول أن تقرأ ما استقر في عمق عيني من بوح..تهمس في أذني كلماتك التي أستشعر فيها نغمة الYشفاق على قلبي..تقترب كأنك تبتعد..تخشى علي من نبضك المضطرب؛ تشد على يدي، يتكوم السؤال على شفتيك؛ يتجمد حين أضغط على شفتيك بأصابعي..أقتل السؤال على شفتيك، وأقول لك برجاء من سيقتله الاقتراب..” لا تقترب؛ لا أحتمل اقترابك ولا نبضك المرتبك؛ لا تأخذني بين ذراعيك، لا تقترب..بالكاد أحتمل نبض قلبي؛ فكيف أحتمل نبضك المضطرب؟!”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى