سياسة

كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله

بقلم: د. أحمد الطباخ
إن ما يحدث في أوطان أمتنا العربية لا يمكن له أن يحدث دون أن تكون وراؤه أياد خفية تحركه ،وأهداف خبيثة تشعله، ومستفيد يريد له أن يستمر؛ لأنه المستفيد من تلك الأحداث والمحرك لها، والذي يريد لها أن تستمر، وكما كانوا علي امتداد تاريخهم الطويل والعريض لا يريدون لأمة الإسلام إلا الشر المستطير، فأحقادهم قديمة متجددة ، فهم من نبه القرآن إلي شدة عداوتهم ، وبين شرهم الخطير، وكما قال رب العالمين:(لتجدن أشد عداوة للذين آمنوا اليهود) .

فأحقادهم لا تنتهي ،ومؤمراتهم قديمة ، فحقدهم ومكرهم فاق كل خيال، وحيلهم فاقت كل طموح، ومن يقرأ في سيرة الرسول صلي الله عليه وسلم يري مكرهم، وسوء فعالهم وتزويرهم، فقد روي البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وصف بضم الواو محمدا صلي الله عليه وسلم في التوراة، أكحل العينين، ربعة جعد الشعر حسن الوجه…، فلما قدم رسول الله صلي عليه وسلم المدينة ورآه اليهود علي هذه الصفة من الحسن والجمال، حسده أحبار اليهود، وبدأت العداوة من يوم أن دخل الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة؛ حيث أعدوا العدة، وبداوا مرحلة جديدة من الحروب التي كانوا يديرونها من وراء الستار، فيحركونها وفقا لأحقادهم التي لم تنته، ولن تنتهي إلي يوم الدين، وخير شاهد علي صدق ذلك ما يحدث اليوم في كل البلاد العربية؛ حيث يشعلون نار العداوة، ويوقدون نيران الحروب؛ لأنهم يعملون بمبدأ قديم، فرق تسد، وحتي يتم لهم المراد عليهم أن يشعلوا المنطقة من حولهم في صراعات مذهبية، وخلافات سياسية لاستنزاف قواها، وأحداث التاريخ تثبت أن المعركة بين اليهود والمسلمين طويلة ومريرة، وأن النصر دائما يكون حليفا للمسلمين طالموا كانوا متحدين ومعتصمين بكتاب الله ومتمسكين بهديه .

لقد بغي هؤلاء ، وبلغ بغيهم مبلغا عظيما ، وزاد إفسادهم إلي حد لا يطاق ، فليس بعد انتهاك المقدسات ، واغلاق الأقصي من شناعة وجرم ، ولكن استطاع المرابطون حول الأقصي أن يقفوا لهم بالمرصاد ، وأن يلقنوهم درسا عظيما في صلابة الإرادة ، وقوة الشكيمة فجعلوا كيدهم في نحورهم ، وأرغموا انفوهم بوقفة العز التي وقفها أهل القدس أمام صلف اليهود واحتفلوا بتلك الوقفة التي وقفها أهل فلسطين ، ولكن تبقي المشكلة في شعوب بلادنا ، وولاة أمرها الذين تركوا أنفسهم أمام مخططات الصهاينة ونارهم التي يحاولون دائما اشعالها في كل أوطاننا العربية مستخدمين مكرهم وحيلهم وخبثهم لتحقيق ما يرسمون ويريدون ويخططون ، وأمتنا يقاتل بعضهم بعضا ، ويرفع السلاح في وجه الآخر، ثم بعد ذلك ينتظر كثير من المسلمين أن ينصرهم الله علي عدوهم ، فالله قد أعلنها صريحة مدوية عندما قال في كتابه الكريم: (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) .

ولما كان المؤمنون الصادقون موعودين بالنصر من ربهم إن هم أخلصوا النية، وصدقوا العمل، وجاهدوا في الله حق جهاده، فانتصروا علي نفوسهم، و تفرقهم و انانيتهم و تشرذمهم ، وعادوا إلي وحدتهم يعتصمون بحبل الله المتين، ويتعاونون علي البر والتقوي ولا يتعاونون علي الإثم والعدوان، ويعرفون عدوهم الحقيقي الذي يستحق ان يناصبونه العداء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى