٢٠٠ جنيه من زاوية سحرية
منال فؤاد | مصر
التغيير شئ رائع.. ربما أجد في نفسي مساحة ألتقط فيها الأنفاس بعيداً عن الشعر والشعراء.. ويتجه قلمي إلى السينما هذا العالم الافتراضي الذي كنت أتعامل معه على استحياء .. أسعدتني الأيام وشاهدت فيلم (٢٠٠ جنيه) بدعوة من الأخ والزميل والصديق الاستاذ أحمد عبد العاطى منتج هذا المهرجان .. نعم إنه مهرجان اجتمع فيه نخبة من ألمع النجوم بل كتيبة مقاتلة وكوكبة متألقة بعدت عن الزيف الخارجي والملبس الفارهه والفاخر.. رؤيتي لهذا العمل باعتباري مشاهدة جاءت من زاوية سحرية خاصة بى فقصة العمل تتراوح في ورقة قيمتها ٢٠٠ جنيه تم تداولها بشكل دائري بين الأبطال فكانت شاهد عيان على أحداث وأسرار نعيشها في كل لحظة في كل بيت .. هذه الورقة المالية ٢٠٠ جنيه بدأت من الست عزيزة السيد وأدته باتقان اللاعيبة المحترفة إسعاد يونس وقبل أن تذهب إلى المنحرف ‘الرائع أحمد السعدنى أظهرت مأساة أم مصرية تعيش كل حياتها بل وتسعد غيرها بأقل الإمكانيات ثم تذهب ال ٢٠٠ جنيه بين المنحرفين والهليبة الذين يجرمون تحت كلمة “نعمل مصلحة” وكان دور أحمد السعدنى و محمود حافظ وكأنه طبيعي وتشعر كمشاهد انك ترى فعلاً وحقا أناس على وجهها علامات القحط والحرمان وقلة الضمير .. ثم تكمل رحلتها ال ٢٠٠ جنيه وتدق باب الراقصة “الجميلة غادة عادل ” وهى راقصة من الدرجة المتأخرة التي تتولى الإنفاق على أسرتها بالقليل رغم أنها في إمكانها أن ترزق بالكثير ولكنها لها مبادئها الخاصة وترفض العرى وكأن كل مهنة لها شرفها وحتى أن كانت راقصة .. وتتحرك ال ٢٠٠ جنيه لتكون قوت عامل بنزينه “،المتألق هاني رمزي ” وتلقى الضوء على وضع إنساني يمر به كل أن لم يكن معظم من يعمل بنظام البقشيش كى يحيى حياة بسيطة ويوفر الأقل من القليل لأسرته واشكر المخرج الذي تعامل بذكاء في هذا المشهد الجبار إنسانيا..
وتذهب ال ٢٠٠ جنيه لتلتقي فى جيب مدرس خصوصي قام بدوره النادر حقا أحمد رزق والذي أبرز المشهد حال التعليم في السنتر التعليمي وطريقة الشرح التي فرضتها ثقافة مجتمع تغيب الوعي فيه إلى الدرجة التي يستخدم فيها المدرس الطبلة لحفظ الدرس بإتباع أسلوب غناء المهرجانات..
وتكمل ال ٢٠٠ جنيه مسيرتها لتذهب إلى النجم بكل ما تحمله الكلمة من معنى الفنان خالد الصاوي هذا الثرى الذي تخبط في الدنيا واضطر إلى بيع خاتم سولتير حتى ينفق على بيته ومتطلبات أولاده وهنا المشهد كان أكثر من رائع حيث سلط الضوء على رؤية الشغالة التي تعمل في منزل فاخر شكلا وكيف تسخط على حظ أصحابه ولا تعلم ما لديهم من مشاكل وأيضا يتبادل صاحب المنزل حتى يمتع عينه بصحة الشغالة وكيف يراها من منظوره أنها تتمتع بصحة ليست عنده .. مشهد يدل على أن كلا يرى بمنظوره نعم الله على غيره ولا يدرى أسرار البيوت ومشاكلها..
وتمر ال ٢٠٠ جنيه لترتمى في جيب احمد السقا سائق الأوبر الذي يجمع كل ما يحصل عليه ليدفع قسط سيارته ولكن الدنيا بخير ومازال هناك من يشعر بالأخر فتوالى الأحداث ليدفع ما يجمعه للسباك الذي يسقط من أعلى العمارة ولا يملك أسرته ثمن العلاج .. وترحل ال٢٠٠ جنيه لتمر بين يدي ليلى علوي الذي أجار عليها الزمن من العمل بجانب الممثلين إلى العمل كبائعة تجول الشوارع لتنفق على زوجها المريض مشهد اجزم انه موجود في كل شارع في مصر..
ثم تتحرك ال ٢٠٠ جنيه لتذهب إلى يد البخيل أحمد أدم الذي مثل المشهد بعبقرية البخيل الكوميديان الذي نال مصرعه نتيجة طمعه .. وتدور الأحداث وتذهب ال ٢٠٠ جنيه مرة أخرى إلى عزيزة السيد ولكن بعد أن كشفت ال ٢٠٠ جنيه خيانة ومات على أثرها ابنها تحت عجلات سيارة صديقه الذي خانه مع زوجته “مى سليم” التى لا تملك سببا للخيانة غير أنها منحرفة بالطبيعة..
٢٠٠ جنيه فيلم يستحق مننا ان نراه .. إخراج أسعدني ومزجنى .. وسيناريو خالي من موبيقات الحوار .. وإنتاج يهدف إلى الرقى مهما كانت المغريات .. وقصة من واقع الحياة المعاصرة..
شكراً لكتيبة النجوم في فيلم ٢٠٠ جنيه