العقل وجدلية التنوير والتدمير
سمير حماد – سوريا
الفنان جان ابري رسام رمزي
يقول توينبي: (إن الحضارة تنهار بفعل عوامل داخلية, قبل أن تطأها أقدام الغزاة, ومسألة انهيار الحضارة, إنما تعود لأسباب داخلية بالدرجة الأولى, وما الغزو الخارجي, إلا الضربة القاضية التي تتلقاها حضارة تلفظ أنفاسها الأخيرة …)
إن انهيار الداخل مرده إلى هيمنة الانغلاق أو التعصب, كائنا ما كان نوعه, الذي يؤدي إلى افتقادنا القدرة على وعي العصر ومعرفة أسراره, وهو وعيٌ يتطلب رؤىً مستنيرة, تسمح لجميع العقول والازهار أن تتفتح, وتستشرف المستقبل، وتتطلّب فكرا ناقداً, ينقذ الأذهان من ظلامية طال أمدها, فكراً غير تقليدي, يتمرد على السكونية, التي تأبى منطق التحول والتغيير. ويتمرّد على الفكر الديني الغيبي المتقوقع الثابت الذي لا يقود إلا إلى التقهقر ثم إلى العدم.
والعقل الحزبي الجامد الذي يلغي الآخر ويقصيه ويرفض أي تغيير حفاظا على ثباته وسيطرته وفساد بنيته الهرمية، المدنية والأمية,
إن تنوير العقول الغضة ليس إثماً؛ بل هو سُلّم الوصول إلى مفردات المعرفة والتكنولوجيا والقيم الأخلاقية،أمّا حجب مثل هذه المعرفة عن العقول, فهو تدمير لها واغتيال.