تأملات قرآنية
بقلم: أ.د. رميض مطر الدليمي
جامعة الأنبار – العراق
قال تعالى في محكم كتابه العزيز :”فأكله الذئب”..لو تأملنا الفعل (أكل) لوجدنا أن المقام اقتضاه من دون سائر المرادفات (افترس، عض، مضغ، قتل….إلخ).
إذ إن الفعل (أكل) عمد إليه أخوة يوسف ليشاكل فعلتهم المنكرة، ويتلاءم مع قوله تعالى حكاية على ألسنة إخوته: “وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين”، لذلك لم يقولوا: افترسه الذئب؛ لأن الافتراس لايتشاكل مع الخبر الذي أشاعوه أمام أبيهم، والحيلة التي ابتدعوها عندما جاءوا بقميص ملطخ بالدم في قوله: “وجاءوا على قميصه بدم كذب. …”. أضف إلى ذلك أن الافتراس ليس بالضرورة الإتيان على أعضاء الجسم جميعها؛ لأن الافتراس في اللغة يعني الإصطياد والقتل، لذلك جاءوا بهذا القميص. فناسب قولهم: “اكله”، بغية الاحتراس من مطالبة أبيهم لهم بإحضار جثته، فقصدوا هذا الفعل ليبينوا له أن الذئب لم يبق منه شيئا، فتشاكلت لفظة الأكل مع كذبتهم.