بقلم: د. راغدة شفيق محمود | سورية
ما هي القصيدةُ العارية؟ الكلامُ العاري يبعدنا عن القراءة، والعري هو البعد عن جمالِ المعنى والمبنى. لماذا نقرأ وماذا نقرأ؟ لماذا نبحثُ عن كتبٍ بعناوينَ براقةٍ؟ لماذا ظهرتِ القصيدةُ العارية الضعيفة البنية؟ وهل الجنسُ هو محاولةُ استحضارِ فحولةِ الشّعراء حيثُ ضاعتْ أفكارهم وأمانيهم وسبل العيش الرّغيد، ليجذفوا بقواربهم الورقيّة عبرَ مدادِ أقلامهم إلى جسد الأنثى فغدونا نقرأ القصيدة العارية، وتظهر لك الأنثى الغاوية المدللة تتراقصُ على وقعِ حروفِ الهمس والجهر وتتقافزُ بين المدود الطويلةِ والقصيرة لقد ضاعت التفعيلة وأصبحَ الشاعرُ الفذ يبدأ من العيونِ الحالمة إلى الشفاهِ الملتهبةِ إلى الاثداءِ العارية ليضيعَ في تضاريس جسد الأنثى ولا يخجل البعض من تصوير لحظاتهِ الحميمية مع أنثاه في مشهدٍ وكأنّه بحرارة البراكين واضطراب الزلازل التي ضربت هذه الأرض فتحولت حدائقُ بابل إلى أنقاضٍ، وسقطتْ منارةُ الإسكندرية، وتاهت سفن المرافئ الفينيقية فضاعَ الأرجوان والحرير والعطور والحبّ وظلت كلماتهم ترن في فضاءات الفراغ اللامبالي تصمّ الآذان عن مدافع الحروب.
فتكاثرنا وتكاثرنا وتوالدنا وملأنا الأفقَ أطفالاً تطحنهم رحى الحروب، وتذيب شحومَ أجسادهم الغضة لتذوي الضحكاتُ وتموت الطفولة في مجتمعٍ تفترسه وحوش الجماعات المتطرفة والحروب المدمرة. شعب يعيشُ على أخصب الأراضي وقد حباه الله بخيرات وكنوز تُسرق من بين أصابعه المفتوحة للتضرع والتسول للأجنبيّ الذي سوّق نفسه أنه السيد ونحن العبيد. يسعى خلف مشاهد جنسية وأفلام إباحية ليصورّها على أنّها قصيدة شعريّة يتهافت على قراءتها الشباب السّطحي المضطرب. ويبقى بعضهم مطبقا بمخالبِ كلماته على صدرِ أنثاه يغتصبُها كما اغتصبَ القصيدة على المنابرِ التي كانت تسمى يوما منابر الكلمة الحرّة التنويريّة. وبنظرة لكلماتِ تلك الشويعرة التي لم تتردد في صفعِ اللّغة صفعاتٍ موجعة فتتجرد من عفة الكلمة ونظم الكلمة وتتعرى القصيدة من خلال (فتح زر القميص وسحاب التنورة) بشعر يفقد النظم والهدف. وأخطر (المثقفين) من اختص بمحيضِ الأنثى ونكاح الأنثى وضرب الأنثى بل ويجوز أن تأكل قدم الأنثى إذا أصابك الجوع أيّها الرجل الشرقي فالنساء كثر ولكم ما ملكت أيمانكم . وماذا يفعلُ المثقف الأصيل ماذا تفيد الصرخات والمنبر يهدى للمتشدقين والغوغائيين الذين حولوا القلمَ بمحبرته إلى عضو لإغتصاب القصيدة الحرة وكموا الأفواهَ الصادقة بل وقطعوا الرؤوس المفكرة. وأنتَ أيّها الشاعر بألقابك الرّنانة وأوسمتك التي تمنحُ من جهات لم يسمع بها غيرك. ماذا قدمت للقصيدة العربية؟ ماذا أبدعتَ وطورتَ؟ للعلم لدينا الكثير من القصائد التي تتحدث عن الجنس في الشّعر العربيّ ولاتنسى الأميرة العربيّة التي تعرت وطلبت من الشّعراء وصفها وستتزوح أفضلهم ومن هو أفضل منها في قول الشعر (يقال اسمها دعد شاعرة رائعة الجمال) فكانت في لغتنا القصيدة اليتيمة وهي من أعيان الشعر العربي والتي قتلت صاحبها ليظفر أخر بها(السرقات الشعريّة) ثمّ يقتلُ لجهله في استيعاب معانيها . أيها الشّعراء الكلمة لون وخيالات لتبدعوا أجمل اللوحات التي تبتعد عن العري وتبني الفكر لا أن تنخر كالسوس أركان مجتمعاتنا العربية المتخبطة في عاداتها وتقاليدها، الكلمة والرصاصة صنوان تصونان البلاد والعباد وأنتم خير من يعبّر ويشير إلى مكامن القوة والضعف استلوا المداد سيفا قاطعا للفساد والضعف وشقوا الطريق الواضح المعالم لهذه الأجيال العربيّة التي ابتعدت عن القراءة ولجأت لمواقع الوهم والرقميات.
