عزيزي يعقوب قادري
د. إيهاب بسيسو | فلسطين
العنوان: قرية بير الباشا قضاء جنين شمال فلسطين
أما معتقل جلبوع فليس سوى مرحلة عابرة في مسيرة حياة تكثفت في نص التاريخ الفلسطيني المعاصر لتصبح عنواناً جديداً من عناوين الصمود الوطني.
سمعنا ما قالته المحامية حنان الخطيب بعد لقائك مؤخراً في المعتقل عن خمسة أيام من معجزة الحرية، خمسة أيام أعادت بناء مشهد حيوي في أذهاننا عن قيمة وقت تقاس بنبضات القلب لا بالدقائق والساعات …
خمسة أيام كان فيها قلبك ينبض على امتداد الخارطة حرية وبشاشة صافية …
خمسة أيام أكلت فيها من ثمار البلاد في الحقول ورأيت أطفالاً في ضوء الأمل …
ومشيت حكايات في الذاكرة، تعيد إليك صورة المكان دون حواجز أو أسلاك شائكة …
عزيزي يعقوب القادري …
لم تكن مصادفة أن تحرر جسدك ولو لأيام خمسة كي تطلق بشارات الرمز في الحكاية معلناً أن الجسد وإن بدا منهكاً من التعب إلا أنه أكثر صلابة عند تحمل المشقة من جبل شاهق
وكنت أكثر من جبل شاهق حين تحدثت بكل عفوية عن الحرية والأطفال والبلاد …
تلك المفردات الضرورية واللازمة لشحن الروح بأمل مفقود وجد مساره الطبيعي في الكلمات والروح والرؤية …
فلسطين الحرية تستحق تلك الكثافة المدهشة العفوية التي تعيد الاعتبار للحكاية الوطنية الممتدة بين الزنازين والمقابر.
كأن تعيد توظيف الهوية مجدداً وبكل بساطة وارتياح في الجغرافيا، كأن تعيد بناء أجوبة من هتافات حيَّة حول من نحن؟ ولماذا السياج؟ ولماذا تلك الأطنان من اسمنت مسلح وأبراج حراسة؟ ولماذا النفق والملعقة؟ ولماذا التشبث بأبسط الأحلام ولماذا الإعلان عن ذلك بأكثر الأفعال بساطة، كقبلة على جبين طفل يلقاك مصادفة على الطريق.
كلا لم تكن مصادفة، كانت اكتمال الروح في الحكاية، امتداد المعجزة في أجيال قادمة …
عزيزي يعقوب
لقد منحتم أنتم الستة – محمود ومحمد وزكريا وأنت وأيهم ومناضل – الوقت الكثير من الحكايات والكثير من الدروس والكثير من الأمل في حياة قلقة لتطمئن إلى أن ال والحرية صيغتان لا يمكن قياسهما بأدوات الوقت أو العقل أحياناً بل بالفطرة والروح والإرادة الحرة …
إلى لقاء قريب في بير الباشا والمنسي
مع الكثير من التين والصبر والبرتقال
والحرية …
دمت ورفاقك جميعاً بكل خير …