ثورة الـ ٢١ من سبتمبر انتصار الإرادة الشعبية اليمنية على التآمر الأممي
إبراهيم محمد الهمداني | اليمن
شكلت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر عام ٢٠١٤ م، منعطفاً كبيراً، وتحولاً خطيراً، في مسار التاريخ السياسي بشكل عام، حيث تجاوزت آثارها وتداعياتها نطاقها الجغرافي المحلي، وخصوصية طبيعة التغيير الداخلي، الذي تنشده وتهدف إليه، كما هو شأن أي ثورة شعبية جماهيرية، تسعى إلى التغيير نحو الأفضل، وتجاوز عقبات وسلبيات حاضرها، وصولاً إلى مستقبل أفضل وغير مشرق، وكما هي الثورات حق مشروع ومكفول لجميع الشعوب، باختلاف مسمياتهم وألوانهم وأعراقهم، بوصفها سلوك إنساني فطري، يأتي كردة فعل معاكسة،تعمل من خلالها الشعوب على استعادة صناعة فضاء حريتها واستقلالها وسيادتها، وكافة الحقوق الإنسانية المكفولة لها بالإجماع، مترجمة ذلك من خلال مشروعها السياسي المطروح بديلاً عن المشروع السائد، وبذلك تصبح الثورة عملية تغيير داخلية، صادرة عن إرادة شعبية، ورغبة جماهيرية، بهدف إعادة صياغة المشروع السياسي داخلياً وخارجياً، بما يحقق لذلك الشعب، مايطمح إليه من الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال والحياة الكريمة، وبناء على ذلك فإن المجتمع الدولي يكون مُلزماً باحترام إرادة الشعب، ورغبته في التغيير، وحقه في تقرير واختيار مصيره، وأن يمد إليه يد المساعدة والعون، وإقامة علاقات ثنائية مع النظام السياسي الجديد، قائمة على الندية والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، بعيداً عن الاستعلاء وفرض التبعية والوصاية، جرياً على عقدة الفرعنة، ومنطق “أنا ربكم الأعلى”و “ما علمت لكم إلهاً غيري”.
يمكن القول إن ثورة ال٢١ من سبتمبر ٢٠١٤م، لم تكن لتطمح إلى أكثر مما سبق طرحه، وما تطرحه أي ثورة شعبية – في حدها الأدنى – من الانتصار لإنسانية الإنسان، والإعلاء من قيمته وشأنه، ومنحه ما يستحق من الحياة الكريمة والحقوق المكفولة شرعاً وقانوناً، وأن يصبح كياناً سياسياً له حضوره ومكانته واحترامه بين أقرانه من أعضاء المجتمع الدولي، وبما أن الثورة إرادة شعبية وشأن داخلي، فذلك يعني التزام الدول الأخرى باحترام إرادة الشعب، وعدم التدخل في شئونه الداخلية، لكن ثورة ال٢١ من سبتمبر ٢٠١٤م رغم صدورها عن الإرادة الشعبية، ونجاحها – المشهود له إقليمياً ودولياً – في صياغة مشروع سياسي جامع متمثل في اتفاق السلم والشراكة، الذي عَبَّر عن رؤية سياسية شاملة، وفلسفة الحكم – بوصفه عَقداً اجتماعياً بين الحاكم والمحكوم، انطلاقاً من منظور التكامل بين القوى السياسية الفاعلة في ممارسة الحكم كتكليف وواجب وطني ومسئولية جمعية ومن منظور التكافؤ والندية والاحترام المتبادل كمحددات رئيسية في صياغة العلاقات الخارجية.
إن مباركة المجتمع الدولي وتأييده وإشادته الكبيرة باتفاق السلم والشراكة، يعني مباركتهم وتأييدهم لثورة ال٢١ من سبتمبر، وذلك ما أكدته منظمة الأمم المتحدة على لسان أمينها العام، الذي أعلن مباركة الأمم المتحدة للشعب اليمني نجاح ثورته، وأكد وقوفها ودعمها للشعب اليمني، مشيداً باتفاق السلم والشراكة، بوصفه أطروحة سياسية رائدة ومتميزة، لكن ماحدث بعد ذلك، كان متناقضاً تماماً لهذه المواقف والتصريحات، وتمخض المشهد السياسي الاقليمي العالمي عن أقذر مؤامرة في التاريخ، وأكبر انقلاب عالمي على ثورة وإرادة شعب، كانت جنايته أنه مارس حقه الطبيعي والمشروع في تقرير المصير، وقد نتج عن ذلك الانقلاب، إنشاء تحالف عالمي ليقود الحرب على الشعب اليمني، بدعوى أن ثورته التي تمت مباركتها سلفاً، تعد انقلاباً وتمرداً على السلطة الشرعية، التي فقدت شرعيتها على كافة المستويات، على مرأى ومسمع من كل دول العالم، والأمم المتحدة ودول الخليج خصوصاً.
إذن ….ما الذي جعل ثورة ال٢١من سبتمبر تتجاوز إطارها المحلي، لتصبح نقطة تحول فارقة في مسار التاريخ السياسي العام؟! ، وما الذي أكسبها هذه القوة والفاعلية الكبيرة في صناعة التحولات السياسية، والقدرة العالية في إسقاط الاقنعة وكشف الحقائق، وتعرية زيف مقولات وشعارات الأنظمة السياسية والمنظمات، التي تدعي حماية الحقوق والحريات؟!، وإذا كانت المواقف السياسية الإقليمية والدولية – وموقف الأمم المتحدة خاصة – قد باركت الثورة الشعبية ومخرجاتها، نزولاً عند احترام إرادة وحق الشعوب في تقرير المصير، فما الذي جعلها تتخذ الموقف المعاكس تماماً، وما مبررات انقلابها على إرادة الشعب، التي باركتها سلفاً؟!.