إلاّ عُلـــــُوّاً
سليمان دغش | فلسطين
( إليها في عُلُوّها المَلَكيّ )
لمــــــاذا أحبُّكِ؟ أسألُ نَفسي
فَيكبرُ فيَّ السؤالُ ويكبرُ حُبّي…
وأسألُ ثانيةً حينَ يسألني السؤالُ
إذا فاضَ في الروحِ حتّى الثمالة كأسي
كأنَّ السؤالَ جوابُ السؤالِ
وما منْ جوابٍ يُروِّضُ فيَّ جناحَ الفراشَةِ في قَلَقِ الريحِ،
والروحُ سِربُ نوارسَ تبحثُ في دَفترِ البحرِ
عنْ قَمَرٍ يستَحمُّ هُناكَ بعيـــــداً.. قريبـــــــاً
منَ الماءِ، في الماءِ، والماءُ مثليَ أشقَرْ
وأسهرُ ليلي الطويلَ الطويلَ إلى آخرِ النّجمِ
والنَّجمُ مثلي يُحِبُّ ويَسهَرْ
وأسألُ قلبي الصغيرَ الصغيرَ
كتفاحةٍ سَقَطَتْ منْ خطيئةِ آدَمَ ذاتَ سماءٍ
واستوطَنَتْ جَسَدي النّرجسيَّ، لأني أُحبُّكِ،
حتّى أُحبَّكِ أكثَـــــــرَ أكثَـــــــرْ
لماذا أُحبُّكِ؟
أعرفُ أنَّ الجوابَ سرابُ السرابِ
وضربٌ منَ الهَذْيِ حدّ الجُنونِ
فحُبُّكِ أكبرُ أسئِلتي في ارتباكِ الحنايا
وأجملُ سِرٍّ ببالِ المرايا
فماذا تقولُ المرايا إذا ما نَظَرتُ إليكِ
وقلتُ: أحبُّكِ
قُلتِ: حبيبـــــي
ووحَّدنا الصمتُ في غايةِ الصّمتِ الأخيرةِ،
كشْفِ الحقيقةِ،
والصّمتُ أجملُ دَفتَــــــرْ
وكيْفَ أفَرِّقُ في غمرةِ الماءِ بيني وبينكِ
بيني وبيني
إذا احتَدَمَ الماءُ في جَسدينا القريبينِ على شهقةِ الروحِ
وكَسَّرَنا المدُّ والجَزْرُ في ساعةِ الصّفرِ
حينَ تَدُقُّ النواقيسُ قُدّاسَها الكَنَسِيَّ الأخيرَ
على جَرَسِ القلبِ حيثُ يَزفُّ الخُشوعُ الشّموعََ
إلى معبدِ الرّوحِ في لَحَظاتِ التّجلي اللطيفِ الكثيفِ
ويُلغي كما يَشتهي الحُبُّ كلَّ نِقاطِ التّماسِ الخطيرةِ
في شَفتينا على بُعدِ رَشفةِ خمرٍ حرامٍ تأوَّهَ في شَفَتيكِ
وإنّي أُحِبُّ الحرامَ على شَفَتيكِ وأسكَــــــرْ !!
لماذا أُحبُّكِ؟
أعرفُ أنّي أُحبُّكِ، تلكَ حقيقتُنا التي تعترينا لنحيا
كما رَسَمتنا الحياةُ بملء الحياةِ
فلا تسأليني، دَعيني أشمُّ حليبَكِ،
رائحَةَ التوتِ في حلمتيكِ اللتيْنِ تمَرَّدَتا
كوكَبَيْنِ شَقِيَّيْنِ على جاذِبيّةِ نهدَينِ لا يَعرِفانِ السّقوطَ
كتُفّاحَةِ نيوتُنَ المستكينةِ ذُلاّ
ولا يستفيقانِ إلاّ عُلُوّاً
على راحَتَيَّ ولا يسجُدانِ
وإنّي لأسجد ملء الخطيئةِ
واللهُ أكبَرْ
أُحبُّكِ
أشهدُ أنّي ضعيفٌ أمامَ هواكِ الكبير ِ
وما كُنتُ يوماً لأسجد إلاّ لعرشِكِ
مذ خَطَفَتني الكواكِبُ في بَرقِ خلخالكِ الغجَريِّ
وبي شَغَفٌ لارتشافِ النّبيذِ المُعَتَّقِ في شَفَتَيْكِ
على جَمرتينِ مقدّستينِ وآثِمتينِ
إلهــــــــــي،
فكيفَ جَمَعتَ على شَفَتَيها النبيذيّتيْنِ
رضابَ النعيم المُصفى ونارَ الجحيمِ
تُرى هل أضيفُ على اللوحِ عندك إثما
إذا بُستُها ذاتَ يومٍ
أم انّي إذا بُستُها ملءَ روحي تَطَهّرتُ حدّ القداسةِ
مما تقدّمَ أوْ ما تأخّـــــــــرْ
أُحِبُّكِ
هلْ كُنتُ أحلُمُ أنّي أحبُّكِ؟
يومَ هَمَستِ كقارورةِ العطرِ ذاتَ مساءٍ: أُحِبُّكَ
فامتلأتْ بِكِ روحي،
أم انّكِ نصفٌ لروحي التي انشَطَرَتْ
في زمانٍ بعيــــــدٍ بعيــــــدٍ جناحَينِ لمْ يُكْملا بَعدُ حُلْمَ الفراشَةِ
أنْ تتجلّى على قبَسِ النور في ذاتِها الأزليّةِ
لا شيءَ يُكمِلُكِ الآنَ يا روحُ غير التّلاشي
على شَمْعِ أجسادِنا المُتَوَهِّجِ في ظِلّنا الآدَميِّ
فَكَيْفَ تَمَكَّنتِ منّي وأيقَظتِ فيّ العواصِفَ
قُلتِ أنا البَحرُ لا تَمتَحنّي
أنا البحرُ كُنْ أنتَ شاطئَ عُمري الأخيرَ
وخذني إليــــــكَ، إلـــــــيَّ، إلينـــــــا
فإني أُحبُّكَ مِلَْ الحياةِ وبعــــــدَ الحياةِ
أُحبّك أكثَرَ أكثَرَ أكْثَـــــــرْ