خطاب الكِبر
بقلم: أحمد برقاوي
الفنان الإيراني جعفر بتغار 1920-2004
وقال لي الوجود متأففاً من دهشته:
إلى اين أنت ماض يا ضليل
و هذي الطريق التي تمشيها طويلة
والعثرات لا تنتهي
والعمر قصير قصير
أجبته ضاحكاً:
أتراها تطيل العمرَ الدروب القصيرةُ!
فأردف:
ألا تفكر بالوصول يا سليل الخائبين؟
فقلت :لا، لا صوىً على درب التأفف من عذابات الوجود
ولا النداءات تكف عن الغناء الجميل
وحدها الأقلام النبيلة لو تدري يا سؤال الوجود
لا تعرف وقت النهايات
ولا تحفل بشارات الأفول.
و ما روح الضليل إلا حب صارخ
يكتب للكون سفر الجنون
وها أنا ماض في رحلة القطاف
لكل ما حرمه الحكماء من ثمر الحياة
وتفاح المجون،
وأنت تسألني: عن الوصول و أوان الوصول.!
وجراحك من يبلسمها
لا أحد يعيش آلام جراح كبرياء روح أحد
لا أحد يسمع أنين جرح أحد
ولا أحد يبلسم جروح أحد
أيها الشاعر
فلا تشهر جراحك للخلق طمعاً في الشفقة
فالشفقة سؤال الضعفاء
وسادية الأقوياء
سور جراحك بكبرياء الهم العظيم
ولا تجعل سوس اليأس يتسلل إلى جذورها
دعها تسري دماءً في عروق قصيدة حب الحياة
وامنحها رداء فلسفة الكينونة الأعلى
وحدها الآمال الجريحة تحرر الروح من قلق العدم الزائف
وتنطق بلاءات باخوس
وحدها الآمال الجريحة تمنح الروح
باقات الفرح
و الرغبة في الحياة
فوق الذرى.