ليل الحنين
ياسمين كنعان | فلسطين
عندما يباغتك الحنين ذات ليل وتبدأ تحصي النجوم التي تتخيلها ولا تراها، عندما تومض الذكريات في رأسك وتلتمع مثل برق خاطف..ستستسلم لقدر الهطول..ستفرش أرض نفسك بالترقب..تنتظر أن يكون نصيبك من ليل الذكريات وفيرا، وإن كنت أكثر حظا ستتساقط الذكريات الجميلة في كفيك تباعا..وستزهر على أطراف أصابعك كلمات..!
وتقول كلمات..وما هي بكلمات؛ ولا تعرف ماهية هذا الشيء الشفيف الذي يتشكل على أطراف أصابعك..ولا تعرف ما لون الفكرة، ولا تتبين شكلها إلا حين تنساب بسلاسة ماء أو حبر..!
وحدك مع ليل طويل..وغرفة مسورة بكل ما نزفت وما تراكم منك من أحلام مؤجلة..وحدك مع جبل انتظار حاولت مرارا أن تزحزح حجارته وفشلت، حاولت أن تثقب قلبك ليدخله بصيص النور وفشلت..وحدك تقول متى…!
تقول لي “أنا هنا..أدخل ليلك مثل كائن لا مرئي..!”
وأسألك “متى صرت من الأشباح التي تزور ليلي..وأي جدوى أن تكون ككل الكائنات الأثيرية؛ كملاك، أو كطيف..وكيف أقول الآن أنت هنا ولا أراك..أفتح عيني وألاحق ما يرسمه خيالي من أطيافك المتعددة..وحين تأخذني الإغفاءة وأنام على غير هيأة النائم..أنتفض فجأة وأنا أرى شبحك الأسود الطويل يحدق بي ..فكيف تكون في ليلي الطويل مجرد كائن لا يحس وجوده ولا يرى..؟!
قلت لي ” سنطوي المسافات البعيدة بالكتابة، سيكون بيننا النص الرسالة، أو الرسالة النص؛ أكتب لك من أقاصي البعد على حافة غربة اختيارية إجبارية، وتردين رسائلي إلي معطرة ببوح قلبك، أكتب وتكتبين، أحكي وتنصتين..وأسمع حين يجن ليلي لعزفك المنفرد..نغمض عيوننا على حلم قديم ونسافر، نملأ جيوبنا بكمشة أفراح ومسرات صغيرة، نعتقها في القلب قليلا، ثم نحتفي بها على الورق..مساحتنا من ورق، و حريتنا من ورق، و أيامنا القادمة..أحلامنا..أمنياتنا..ساعتنا..خلوتنا..كلها، كلها يا صغيرتي من ورق..!”
واتفقنا، وصرت أترقب ليلنا المرتقب..أغمض عيني وأنا أقول لنا من ليل الحنين ما انتظرنا من حكاية..لنا من ليل الانتظار كل الحكايا..!”