و على الطيبين السلام
منال رضوان | كاتبة وإعلامية مصرية
Peder Motk Mosted Plein art Gentre painter
يقول العرب قديمًا، “هذه بتلك والبادئ أظلم”.. وهو الرجل يركب صاحبه بظلامة، فيكافئه الآخر بمثلها. ولكن في قانون العلاقات الإنسانية، هل يمكننا تطبيق قاعدة كتلك كما هي ويطيب لنا العيش بلا تناحر أو صراعات!..
ربما يمكننا أن نقول “هذه بتلك” ونصمت بعد أن نضع عبارة أكثر مرونة تتوائم مع طبيعة إنسانية متحضرة… فننسج لنا حكمة مفادها أن “هذه بتلك وعلى الطيبيين السلام”.
فعلى سبيل المثال، في مجال العلاقات المتنوعة، إذا كنت تتوقع أن تمنح الكثير ليقابلك الطرف الآخر بالمنح ذاته؛ يجب عليك أن تراجع حسابك مع الحصافة والذكاء الاجتماعي، ربما كنت تريد إعادة الشحن لبطاقة نجاح العلاقات الاجتماعية.
إن ما تمنحه من أمور مادية ومعنوية يتوقف عليك أنت فقط، والطرف الآخر هو كمفعول به في إطار تلك العلاقة..
فلا يمكنك أن تعول على منحه كما وكيفا، بل يجب أن يظل جهاز البحث الذاتي للاطمئنان على مجريات الأحداث والنتائج بيدك وحدك، أنت من تقيم مقدار التوازن في أية علاقة إنسانية
والتي يدخل في إطارها.. العلاقة العاطفية أو الصداقة أو العمل أو الجيرة وغيرها، فعلى سبيل المثال إذا كان ما تمنحه من عمل لا يقيمه رئيسك على النحو المرضي؛ فيجب عليك أن تبحث عن بديل يؤمن لك اللائق وما تستحقه من تقدير.
إذا كان صديقك لا يتذكرك إلا عند وقوعه فى خطب جلل يحتاج فيه إلى المؤازرة، فإن ساعدته؛ حسنا قد فعلت بشرط ألا يمثل لك ذلك أعباءً جديدة تضاف إلى رصيدك من التضحية والذي تضخم في بنوك الثقة وانتظار المعاملة بالمثل.
عليك أن تمنح بقدر وتثق بقدر وتتعاون بقدر.
إن حياتنا على الأرض لا تحتمل سقطات الخذلان ووثبات النكوص (التراجع) ونكث أحبال العهود والأيْمَان، أي حلها من بعد عقد، ‘وإن نَكَثواْ أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ’ (آية ١٢ سورة التوبة).
كذلك أعمارنا لا تحتمل اضطرابات العقد النفسية للعابرين فوق أرصفة انتظارنا للأفضل، إن قدمت الفضل فأنت تستحق أن يعود إليك الفضل ذاته، وإلا فألف لا. كن كمن يضرب على وتر الإحسان فينصت لإعجاز تحدث عنه الرحمن في قوله تعالى: “وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان“(آية ٦٠ – سورة الرحمن) هذه المنحة الإلهية هي بمثابة معادلة اجتماعية لا تحتاج معها غير وجود العامل المساعد للتفاعل (انت) لضمان نجاح معادلتك.
في أية علاقة اجتماعية، إذا فكرت هل تستمر أم ترحل، عليك بالرحيل؛ وفورا. فأنت لم تتلق الدعم الكافي من أجل البقاء.
– إذا فكرت هل يقع عليك ولو أبسط ألوان الظلم وصنوفه، وهل تظل متمسكًا أم من الأفضل لك أن تترك أحبال التعلق والتشبث، اترك فورا وحالًا وعاجلًا، فلو كنت مطمئنًا لما فكرت.
– إذن، التمسك أو التخلي؟
– التخلي قولا واحدًا.
– البقاء أم الرحيل؟
– الفرار.. أقولها لك وهذه اللحظة قبل تلك التي تليها.
– اللوم والجدال أم الصمت؟
– الصمت ومحاولة تأمين بدائل أكثر موائمة.
– هذا الكلام وإن بدا نظريًا خاصة بالنسبة إلى من اعتادوا وألفواْ مرارة الخذلان على ألسنتهم حتى استعذوبوا ذائقته، لكن الهدف المأمول يستحق صدق المحاولة وجدية السعي من أجل تحقيقه، وعندئذ ستنجح على قدر قوتك وجهدك ومحاولتك المستمرة في أن تكون أحسن حالًا، فكن الأفضل مع ذاتك حتى تزن بعين العقل ثمار نجاح أية علاقات متشابكة أنت أحد اطرافها.