خريف العمر (2)
هند خضر | سوريا
حاول حسام طرد الأفكار السّوداويّة التي داهمته في تلك الليلة ،أغمض عينيه برهةً ،ابتلع شكّه كما يبتلع البحر كمية من أحاديث العشاق المسائية ، رفع سمّاعة الهاتف كعادته ليكمل لها الجزء النّهائي من الرّواية
حسام :مساء الخير ياسمينتي
ياسمين :مساء الخير
ما الأمر ؟
ردّت عليّ بنبرة خانقة ياترى ماذا حدث بين ليلةٍ وضحاها ؟
من الأفضل ألّا أدع الغموض يسود الموقف رغم إيماني بأنّ قلب المحبّ دليله لطالما اعتدتّ أن أشعر بالشّيء قبل حدوثه حدث حسام نفسه في تلك الّلحظة
حسام :ما بكِ ؟
ياسمين :لاشيء
وفي الّلاشيء تختبئ أشياء كثيرة وغصّة على ما يبدو تمكّنت من حنجرتها وأبت أن تخرجها كي لا تغرزها في صدره و لكن لابدّ من إخباره بما حدث
ياسمين :اسمعني جيّداً ليلة الأمس لم يعانق النّوم أهدابي فقد أخبرت أهلي عنك
لم ينتظرها حتّى تكمل كلامها قاطعها محترقاً
حسام :وماذا قالوا ؟
ياسمين باكيةً :طلبوا منّي إنهاء هذه العلاقة بدون أخذ مشاعري بعين الاعتبار حاولوا أن يضعوني داخل دائرة الموت البطيء ،حاورتهم مطوّلاً ،حدّثتهم عن الأمان الّذي شعرت به معك و …إلى أن أنهيت حواري معهم بأنّ الحبّ ليس له عمراً يقف عنده ولكن ما من جدوى
حسام :وما العمل الآن ؟
ياسمين :انتظرني ..أيّام قليلة فقط وسأخبرك
مرّت عدّة أيّام بين شكّ ويقين ،بين مستحيل وممكن وإذا بهاتف حسام يرنّ فكاد قلبه أن يخرج من مكانه في هذه الأثناء
حسام :آلو
صوت ناعم مخمليّ يسافر معه عند سماعه :
مرحباً ياحسام …
حسام:أهلاً ياسمين …
أخبربني بسرعة ماذا حصل معك ؟
فقد انتظرت خبراً منك على أحرّ من الجمر
ياسمين :أريدك أن تكمل لي الرّواية ولكن في بيت الزّوجيّة ،أهلي بانتظار قدومك
حقّاً على يديّ ياسمين أصبح خريف حسام ربيعاً ومعه لمست حقيقة زوال فارق العمر أمام قداسة الحبّ…