ثرثرة اليوم الأخير
خلود محمود سلمان | سوريا
كانت تستشعر الموت في وجوههم في أحاديثهم ،أسئلتهم ، حتى أحلامهم كانت مليئة برائحته ، ذكرياتها المشبعة حنيناً لمن رحلوا ، رغبتها الجامحة في زيارة قريتها حيث ولدت ، أسئلتها عن أشخاص تعج بهم ذاكرتها من ايام الطفولة والمربى خلال محادثتها لأمها عبر هاتف يخفي الكثير من الشوق واللهفة ويظهر الصلابة والانشغال بأمور الحياة علّها تكون مبرراً كافياً لتلك العجوز المشتاقة لكن ليس باليد حيلة هي المسافة اللعينة والكثير من خفايا الأسباب..
تستطيع كلمات أمها (المهم تكوني بخير) أن تغسل قدرا ليس بالقليل من همومها وتمنحها بعض الراحة النفسية وتخفف من عذاب الضمير فهي ليست بالابنة المثالية رغم رغبتها أن تكون..
استطاعت من خلال حديثها مع أمها ان تتناسى شعورها بأن شيئاً غريباً سيحدث،
استرسال تلك العجوز بأسئلة الاطمئنان المليئة بدعوات تفيض منها رائحة الأمان جعل القلب يهدأ وجعل الأمل أن الغد هو الأفضل وأن اقدارنا مكتوبة وماعلينا سوى انتظارها كبيراً.
انتهت المكالمة..
صمتت أنفاسها،
ابتسمت وهي تغيب عن وعيها لزائر لم تملَّ يوماً شوقها إليه .