عُرْسُ الشَّهَادَةِ والفِدَاءِ
الدكتور حاتم جوعيه – المغار – الجليل – فلسطين
( في الذكرى السنويَّة على مجزرة ” كفر قاسم ” )
الحقُّ يُؤخذُ لا يَضِيعُ هَبَاءَ
والفجرُ يَسطعُ يطرُدُ الظلمَاءَ
///
هذي بلادي فجرُنا ومآلنا
وَجَنانُ شعبي لم يزلْ مِعطاءَ
///
وترابُ أرضي من نجيعي مُخْصِبٌ
تبقى الرُّبوعُ َندِيَّة ً خضراءَ
///
زيتوننا صَانَ العُهودَ ولم يزلْ
رمزَ الإباءِ تشَبُّثا وبقاءَ
///
ما للمنازلِ والمَلاعبِ قد غدَتْ
من أهلنا قفرًا هُنا وخَلاءَ
///
واللاجئوُنَ على المَواجعِ والطوَى
تخذ ُوا الخيامَ منازلا وَغِطاءَ
///
وَمَضَتْ سُنونٌ بعدَ عامِ شَتاتِنا
نُسْقىَ اللَّظى …أنَّى َنرُومُ عَزَاءَ
///
يا كفرَ قاسم أنتِ عُنوانُ الفدَا
ودمُ البراءةِ لم يزلْ وَضَّاءَ
///
أهلوُكِ صرحٌ للمكارم ِ والعُلا
وبنُوكِ كانوا النخبة َ النُّجَباءَ
///
ما زالَ “شِدْمِي” قرشهُ مُتغطرسٌ
كم مثل ” شِدْمِي” لا يباعُ حذاءَ
///
يغتالُ وردَ الطُّهرِ دونَ رَوَادِع ٍ
وَيثيرُ في هذي الدُّنى البَغضَاءَ
///
فالقاتلونَ شهيَّة ٌ همجيَّة ٌ
بدم ِ البراءةِ خَضَّبُوا الغبرَاءَ
///
ومنَ الجَماجم ِ يصنعونَ عُروشَهُمْ
وتوَهَّمُوا قد أصبحُوا عُظماءَ
///
يا ” كفرَ قاسم” فانظري لصمودِنا
وهتافنا مَلأ الدُّنى أصْدَاءَ
///
تيهي على الدُّنيا فخارًا واعلمي
ما ضاعَ هَدْرًا ما بَذلتِ سَخَاءَ
///
يا روضةً تهبُ الأزاهرَ والنَّدَى
سَيظلُّ فيضُكِ ديمة ً مِعطاءَ
///
فيك ِالحَجيجُ وأنتِ قبلة ُ شعبنا
كنتَ المنارةَ ..كم رفعتِ لِوَاءَ
///
خمسونَ لحنا ًفي ثراكِ مُضَرَّجٌ
والوردُ أضحَى عَوْسَجًا ودِماءَ
///
خمسونَ بدرًا كم ْ أضاؤُوا أفقنا
خاضُوا الفِدَا.. َنهَلوُا الرَّدَى شرفاءَ
///
خمسونَ لحنا ً غُيِّبَتْ تحت الثَّرى
فبكىَ الأحبَّة ُ أدمعًا خرساءَ
///
كم من نساءٍ أو شُيوخ ٍ عُزَّلٍ
وبراعم عاشُوا هنا سُعدَاءَ
///
عادُوا منَ العملِ الدَّؤوبِ وَكدْحِهِمْ
فاستقبلوا الطُّغيانَ والدُّخلاءَ
///
قد أمطرُوهُمْ نارَ حقدٍ أرْعَن ٍ
فرَصاصُ جُندِ الغدْرِ جاءَ خَفاءَ
///
حَصَدُوا الأحبَّة َكالسَّنابلِ في الحقو
ل ِ…نجيعُهُمْ صَبَغَ الرُّبى حنَّاءَ
///
حَصَدُوا البراءة َ والطفولة َويحهُمْ
جعلوا النُّجُودَ مآتمًا وبكاءَ
///
هذي دماؤُهُمُ لمسكٌ أذفرٌ
وتضوَّعَتْ مِلْءَ الزَّمانِ شَذاءَ
///
وقبورُهُمْ تروى بفيض دموعِنا
قبلَ الغمَائمِ أنْ تبلَّ ثراءَ
///
أضحَتْ مزارًا كالحجيج ِ لأهلِنا
نحنوُ عليها … نُزهِقُ الحَوْبَاءَ
///
يا “كفرَ قاسم” والكفاحُ طريقنا
خُضتِ الكرامة َ سُؤدُدًا وردَاءَ
///
كنتِ الطليعة َ… بل ضحيَّة َغدرهِمْ
وصُمودُكِ العَلنيُّ كانَ عَناءَ
///
وتوَهَّمَ المُحتلُّ سوفَ يُخيفنا
برَصاصِهِ ونُهاجرُ الأحياءَ
///
نبقي لهُ الأرضَ الطَّهُورَ وخصبها
خلفَ الحُدودِ سننتهي غربَاءَ
///
لكنَّنا مُتشبِّثونَ بأرضِنا
من كفرِ قاسم هَدْيُنا قد جاءَ
///
هذي البلادُ بلادُنا ونعيمُنا
هيهاتَ نتركُ جنَّة ً غنَّاءَ
///
وتآمرَ الطغيانُ ضدَّ عُروبتي
مِصرُ الكنانةِ تكشفُ الأنباءَ
///
ولأجل ِ تأميمِ القناةِ تكالبُوا
مُستعمرونَ أتوا هُنا جبناءَ
///
عُدوانهُم في مصرَ كانَ مُبَرْمَجًا
فالغاصِبونَ تحالفوا شركاءَ
///
في “بور سعيد “هَبَّ شعبٌ صامدٌ
بركانُ مصر زلزلَ الحُلفاءَ
///
عادَ الغزاة ُ بخزيهِم وبعارهمْ
أطماعُهُمْ أضحَتْ هناكَ خوَاءَ
///
” وجمالُ ” قائِدُنا يظلُّ مُخلَّدًا
والغارُ كلَّلَ هامَة ً َشمَّاء
///
يا كفرَ قاسم أنتِ عنوانُ الِفدَا
منكِ انتظرنا غلَّة ً حَمراءَ
///
أخفوا الجريمة َكي تظلَّ دماؤُنا
هَدْرًا ُترَاقُ ، وننحني ضعفاءَ
///
لكنَّ شعبي رغمَ كلِّ تآمر ٍ
كسَرَ القيودَ وطاولَ الجوزاءَ
///
قد هبَّ من وسط ِالرَّمادِ كماردٍ
بشُموخِهِ قد طاولَ العَنقاءَ
///
وأطلَّ من ليلِ المنافي فجرُهُ
ومنَ الخيامِ لكم أطالَ نِدَاءَ
///
تيهي افتخارًا يا فلسطينَ المُنى
وتألَّقي فوقَ الوجودِ سَناءَ
///
أنا مُنشدُ الأحرار صوتُ كفاحِهمْ
وأرى التَّحرُّرَ َمطمَعًا وهَناءَ
///
ودمُ العروبة ِ فيَّ يصرخُ هادرًا
أنْ لا نساوم .. فانبذ ُوا العُمَلاءَ
///
نحنُ العروبة ُ فجرُها ونشيدُها
خُضنا التحرُّرَ وثبة ً وفداءَ
///
وبنا النِّضالُ يهزُّ كلَّ مسامع
ُفقنا الشُّعوبَ بسَالة ً ومَضاءَ
///
وبنا طريقُ الحقِّ أضحى مشرقا ً
بمسيرنا لم نحفلِ الكأدَاءَ
///
شعبي الذي بهرَالدُّنى بصمودِهِ
صَنعَ المُحَالَ وبَدَّلَ الأجواءَ
///
شعبي الذي هَزَّ العوالمَ عزمُهُ
لن يستكينَ سيسحقُ الأعداءَ
///
قالوا : السَّلامُ مآلنا وملاذ ُنا
وبهِ نُحَقِّقُ مُبْتغًى ورَجَاءَ
///
لكنَّ سِلمًا جاءَ دونَ كرامةٍ
وبهِ المهانة ُ لن يكونَ غناءَ
///
ما زالَ شعبي في المنافي لاجئا
يشكو المذلَّة َ غربة ً وشقاءَ
///
لا كانَ سلمًا فيهِ يبقى نصفهُ
شطرًا يئنُّ مشرَّدًا مشرَّدًا مُسْتاءَ
///
فالشَّطرُ باق ٍ في العذابِ مُخيِّمٌ
والعالمُ الوسنانُ زادَ عُوَاءَ
///
وعَدوهُ .. يرجعُ كم كلام ٍكاذبٍ
شابَ الزَّمانُ ومزَّقَ الإصغاءَ
///
سيعودُ حتمًا رغمَ كيدِ وعيدِهمْ
ويبدِّدُ الأهوالَ والأنواءَ
///
وَيُحَقِّقُ الحلمَ الجميلَ بهمَّةٍ
والفجرُ يبسمُ ينشرُ الأضواءَ
///
سيعودُ للأرض ِالتي حضنتْ رُفا
تَ جُدودِهِ وسيجمعُ الأشلاءَ
///
سَيعودِ للحقل ِ الوديع ِ… لسهلهِ
ولنبعِهِ … للسفح ِ زادَ عَناءَ
///
ويُشَيِّدُ الصَّرحَ المُهَدَّمَ عنوة ً
يختالُ في أرض ِ الجدودِ ُروَاءَ
///
طالَ البعادُ عنِ الأحبَّةِ والحِمَى
وعلى الحلولِ لكم نطيلُ ثوَاءَ
///
المجدُ للشَّعبِ الذي خاضَ الوغى
لا يرهبُ الطغيانَ والأعداءَ
///
لا يصنعُ التاريخَ غيرُ رجالهِ
لم يحفلوا الأهوالَ والأعباءَ
///
فهويَّتي الأرضُ التي هيَ أمُّنا
وهويَّتي شعبٌ يموجُ عطاءَ
////
وهويَّتي تبقى فلسطين الفدا
بترابها كم تحضنُ الشُّهداءَ
///
يا أمَّتي فيكِ المَآثرُ والعُلا
خُضتِ الخطوبَ معَاركا شَعوَاءَ
///
وَتُعانقينَ المجدَ من أطرافهِ
وَتُتسَدِّدِينَ الطعنة َ النجلاءَ
///
نحنُ السَّلامُ شعارُهُ ونشيدُهُ
نحنُ الحمائمُ … لا نرومُ عداءَ
///
ولكمْ مَدَدْنَا للسَّلامِ لهم يَدًا
قطعوا الأيادي شَوَّهُوا الأسماءَ
///
ثمَّ استباحوا كلَّ ما يحلوا لهم
والأرضُ صارتْ أختها الخنساءَ
///
فانقضَّ في ليلِ المنافي شعبنا
خاضَ الحتوفَ وجلجلَ الأرجاءَ
///
بَهرَ العوالمَ عزمهُ ونضالهُ
فرضَ الإرادة َ.. حقَّقَ الأشياءَ
///
وأقامَ دولتهُ برُغم ِ مكائدٍ
جزءًا يضمُّ بعيدهُ الأجزاءَ
///
رفعَ البنودَ” بغزَّة ” وبكلِّ شبر
قد تحرَّرَ … أضرمَ الرَّمضاءَ
///
والقدسُ موعدنا غدًا ، وبنودُنا
فيها هناكَ تعانقُ الأنحَاءَ
///
يا كفرَ قاسم أنتِ عنوانُ الفدا
حق ٌّ علينا أن نصوغ َ رثاءَ
///
شهداؤُكِ الأبرارُ فجرٌ ساطعٌ
يبقونَ في وجدانِنا أحيَاءَ
///
جُرْحُ الفلسطينيِّ يبقى نازفا
والغربُ يصمتُ خسَّة ً ودَهاءَ
///
والعالمُ العربيُّ يبقى ساكنا
أنَّى يُقاوم أو يصدّ بَلاءَ
///
كم من مآس ٍ أرَّقتْ أيَّامَنا
خُضنا الخُطوبَ عَصِيبةً عشواءَ
///
كلُّ المجازر لم تكلّ نضالنا
نمشي على دربِ اللَّظى عظماءَ
///
يا كفرَ قاسم والكفاحُ هويَّة ٌ
ونرى الكرامة َ سُؤدُدًا وردَاءَ
///
كنتِ الطليعة َ بعدَ عامِ تشرُّدٍ
عَلَّمتِ فينا الكهلَ والأبناءَ
///
إنَّ النضالَ طريقهُ لقويمة ٌ
ودماءُ شعبي لن تضيعَ هَبَاءَ
///
يا قلعة َ الأحرارِ دومي قبلة ً
للعربِ تسمُو روعة ً وبهاءَ
///
يا قلعة َ الشُّهداءِ ألفُ تحيَّةٍ
أرْسَيْتِ للجيلِ الجديدِ بناءَ