ظُنّي كما شِئتِ…

ابراهيم طلحة | اليمن

ظُنّي كما شِئتِ بَعضَ الظَّنِّ واعتقدي
وناقشيني، فلا إشكالَ، وانتقدي

فما اقتربتُ أنا إلاّ لِتَقتَرِبي
لم أقتَرِب منكِ كي تنأي وتبتعدي

وليس شيئًا عجيبًا حينَ غبتُ بِأن
تُضَيّعِي منكِ شيئًا ما وتفتقدي

بحثتُ عن أيّ تفسيرٍ لحالتنا
بحثتُ عن أيّ تفسيرٍ ولم أجِدِ

إن قُلتِ حرفَينِ أغدو أحتَفي بهما
كأنّما انتزعا سهمَينِ مِن كَبِدي

وكُلّ رمشةِ عينٍ أنتِ فاتِنَةٌ
أعيذُ عينَيكِ مِن عَينٍ ومِن حسَدِ

اثنانِ نحنُ ولا شيطانَ ثالثنا
أنا وأنتِ حضورٌ كاملُ العددِ

وكنتِ نائمةً واستيقظَت فِتَنٌ
وكانت الفتنُ الهوجاء في صددي

وكانَ ذهنيَ مشغُولاً ومُزدَحِمًا
وكانَتِ النّفسُ في ضيقٍ وفي كمدِ

وكانَ أمرُ الثُّنائيّاتِ يشغلني
وكانَ عندي قياسٌ شبه مُطّردِ

الدّهرُ يومانِ، واليومانِ مثلهما
غدًا وبعدَ غدٍ أو بعد بعد غَدِ

هما جديدانِ لا يبلَى قديمهما
عاشَ القدامى كلاسيكيّةَ الجُدُدِ

هما شعورانِ قد دقّا على وتَرٍ
هما رَوِيّانِ قد جاءا على الوتَدِ

هما كتابانِ لم نقرأ سطورهما
ما ينفع النّاسَ أضحَى اليومَ كالزّبَدِ

اقرأ كِتابَيكَ، قُل لي ما الّذي احتويا
هل الكتابانِ عِلمِيّانِ يا ولَدي؟!

اقرأ كِتابَيكَ، وانظُر، فيهما – مثلاً –
بعض الإجاباتِ عمّا دارَ في خلَدي

بعض الإجاباتِ عن أشياءَ أجهلُها
بعض التّفاصيلِ عن دِيني ومُعتَقَدي

بعض الحكاياتِ عن حرب (البسوسِ) على
بعضِ الحكاياتِ عن (بدرٍ) وعن (أحُدِ)

عن ثورَةٍ سُرِقَت منذُ انطلاقَتِها
يا شُعلَةَ الثّورَةِ المَسرُوقَةِ اتّقِدِي

وعن ثنائيةِ الأضداد ثانيةً
كادت، وكادت، وكادت، ثُمّ لم تَكَدِ

عن أُغنياتِ (صلاح الأخفش) انتشرَت
وعن تلاوةِ (عبدِ (الباسطِ) (الصّمَدِ))

عندي كلامٌ طويلٌ.. قُلتُ مِن زمنٍ:
“كَم أُمّةٍ جُمِعَت في شَخصِ مُنفَرِدِ”

لي نَعجَةٌ، وأخي – لو يعلمونَ – لَهُ
تِسعّ وتسعُونَ، لم ينقص ولم أزِدِ

يا ثانيَ اثنَينِ، قالَ النّاسُ: إنّكُما
هاجَرتُما لتموتا خارِجَ البَلَدِ

هما شهيدانِ مغدُورانِ، ما عَلِما
عن الأيادي الّتي امتَدّت إلى “المَدَدِ”

وميّتانِ حوارِيّانِ، شكلهما
بالماءِ والثّلج مغسُولانِ والبَرَدِ

أوى (عليٌّ) إلى (همدانَ) في “نَكَفٍ”
أمّا (معاذ) فلم يخرج مِنَ (الجنَدِ)

مُعَسكَرانِ، وتجهيزٌ، وقاعدةٌ
عنيدَةٌ، والتقى الجمعانِ في (العنَدِ)

ومَذهَبانِ ولم نذهَب لأيّهما
المذهبِيّةُ تغوينا عَنِ الرّشَدِ

هما اتّجاهانِ: عش رُوحًا، ومُت جسَدًا..
سَتُدرِكُ الفَرقَ بينَ الرُّوحِ والجَسَدِ

اجعل حياتكَ روحانيّةً أبدًا
عش عيشةً رغَدًا لا عيشةَ النّكَدِ

اصبِر، تَجَلَّد، فمهما ضاقَتِ انفرَجَت
لا شيءَ يُثمِرُ مثل الصّبرِ والجَلَدِ

هما حياتانِ، أو موتانِ، رُبّتما
تأجَّلَ الموتُ – أحيانًا – إلى أمَدِ

ففي حياتِكَ لا تركَن إلى أحَدٍ
ولا تُصَلِّ إذا ماتوا على أحَدِ

أمرّ عجيبٌ بِأن نختارَ راحتَنا
والله قد خَلَقَ الإنسانَ في كَبَدِ

وبالمُقابلِ للشّيطانِ أُمنِيَةٌ
لَهُ قرينانِ نَفَّاثانِ في العُقَدِ

في وجههِ قَسَماتٌ مِن (أبِي لَهَبٍ)
تبّت يداهُ، فيا اللهُ خُذ بِيَدِي

حَمَّالَةُ الحطَبِ ارتَدّت إلى جِهَتِي
وكانَ في جيدِها حبلانِ مِن مَسَدِ

فِرّي معي مِن كوابيسي الّتي احتشدَت
قُولِي معي: “يا إله الكونِ يا سنَدِي”

أو خَلّفِينِي ضَرِيحًا؛ كي أقول لهم:
“تَأَمّلُوا كيفَ فِعل الظّبيِ بِالأسَدِ”!!

كأيِّ شخصَينِ في الدُّنيا وبَينَهُما
حُبٌّ وولّى وحتّى الآن لم يَعُدِ

لكِن أعادا إليهِ الرُّوحَ واتّفَقا
أنّ الدّليلَ على النّسيانِ لم يَرِدِ

اثنانِ واثنانِ، ما مِن واحدٍ أحَدٍ
في زحمةِ الكونِ غيرُ الواحدِ الأحَدِ

إنّا حبيبانِ يرعَى اللهُ حُبّهُما
وسوفَ نبقَى على هذا إلى الأبَدِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى