شاهد واقرأ.. عذرًا رسول الله

رضا راشد | الأزهر الشريف

تتوالى الأزمان، وتمر الأيام، وتكر الدهور، وتترادف السنون، ويتفتق الزمان كل حين عن نابتة سوء تنذر بخراب البلاد وضياع مصالح العباد، وذلك بالتطاول على سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم .

مسلسل تعددت حلقاته، وتنوعت مشاهده، ولكنها مع ذلك اتسمت بشيء واحد؛ هو الخسة والنذالة وتدني الأخلاق.

نطفة قذرة وماء نجس انحدر من أصلاب أبي جهل وأبي لهب والوليد بن المغيرة وعقبة بن أبي معيط وغيرهم، وظلت تتنقل من أصلاب الخبثاء إلى أرحام الخبيثات، حتى وضعت في أرض نجسة أنبتت في كل حين نبتة خبيث كان منها هذا المشكوك في ذكوريته المتهم في عفته زكريا بطرس.

بين الأمس واليوم :
تشابهت الأفعال وتشابهت الدوافع والأسباب، ولكن اخنلفت ردود أفعال المسلمين اليوم عما كانت عليه بالأمس.

تشابهت الأفعال: فجاء الأفاكون الأفاقون الأنجاس اليوم ليتهموا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بما يرونه من أنفسهم (كما يقول القائل: رمتني بدائها وانسلت) كما فعل أسلافهم من كفار مكة ومنافقي المدينة بالأمس.

وتشابهت الدوافع والأسباب: فكما سب المشركون ر سول الله صلى الله عليه وسلم؛ حسدا له وتغيظا عليه من انتشار دعواته، كما قال ربنا: {وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون} [القلم: ]، فكذلك يسب هؤلاء الأنجاس رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؛ حسدا من انتشار الإسلام في أوروبا وغزوه قلوب أبنائهم في عقر دارهم، بلا أسباب بشرية بل وبلا حرية دعوية، فليس إلا التضييق والمكر والتشويه .

هكذا تشابهت الأفعال وتشابهت الدوافع والأسباب، لكن شتان بين ما كان من المسلمين بالأمس انتصارا لنبيهم – صلى الله عليه وسلم – وبين ما يكون منهم اليوم.
بالأمس: كان حول النبي – صلى الله عليه وسلم – ثلة مباركة وشباب كرام، بل ونساء مؤمنات قانتات صالحات أحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حبا ملك عليهم قلوبهم، فهانت عليهم أرواحهم فداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

كان حول النبي – صلى الله عليه وسلم – رجل كأبي بكر الذي يدفع عقبة بن أبي معيط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم}، وكان حوله صلى الله عليه وسلم شباب كمعاذ بن عفراء أو كمعاذ بن الجموح اللذين كان همهما الأكبر في غزوة بدر قتل أبي جهل؛ لأنه بلغهما أنه يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما ارتاح لهما بال حتى قتلاه.

وكان حول النبي – صلى الله عليه وسلم – رجل كمحمد بن مسلمة وآخرين ممن انتفضوا لقتل كعب بن الأشرف عندما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم؛” من لي بكعب بن الأشرف؛فإنه قد آذى الله ورسوله؟”،كان حول النبي صلى الله عليه وسلم نساء كنسيبة بنت كعب – رضي الله عنها – التي كانت تتلقى السهام في غزوة أحد صابرة محتسبة تفتدي بنفسها رسول الله لا تبالي بما تجد من مر الألم .

كان ذلك بالأمس ..فما بال أمة المليار ونصف المليار اليوم قد هانت، وضعفت، وضاعت عزتها، وذلت؛ فأصمت آذانها، وأعمت أبصارها عما أسيء به لنبيها صلى الله عليه وسلم؟! أليس فيهم رجل كأبي بكر، أو شاب كأحد المعاذين، أو حتى امرأة كنسيبة بنت كعب رضي الله عنهم أجمعين.

هل عقمت أرحام الأمة اليوم أن تنجب لنا رجالا كهؤلاء، يذبون عن عرض النبي – صلى الله عليه وسلم – حتى ولو كانت الحياة ثمنا لذلك ؟!

ترى:
لو أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان بيننا اليوم وسمع من النجس زكريا بطرس ما قال. فقال لنا ما قاله للصحابة – رضوان الله عليهم – في شأن كعب بن الأشرف: من لي بهذا الشيء؛ فإنه قد آذى الله ورسوله فهل كان سيقوم من بيننا خلف محمد بن مسلمة ليقول أنا له يا رسول الله؟! هل كان سيسمعها النبي – صلى الله عليه وسلم – منا كما سمعها من الصحابة ؟أم كان سيخيب ظنه فينا ؟!

أمة الإسلام:
إن هؤلاء الجرذان ما تجرأت علينا إلا بضعفنا، وما خرجت من جحورها إلا عندما آنست غفلة منا، فإن لم يكن بيننا ذلك الرجل فلنحرص على أن يكون بيننا غدا؛ فإن صناعة الرجال ليست بالأمر الهين، وما كان الصحابة الذين هبوا دفاعا عن رسول الله – صلى الله عليه – ما ولدوا فجأة وما خرجوا بغتة، بل كان وراء هذه التضحية حب عظيم غذته تربية إيمانية قوامها آيات الذكر الحكيم وأحاديث النبي – صلى الله عليه وسلم – ولن يولد الرجال إلا من هذه الأرحام..فهلا حرصنا على تعليم أولادنا كتاب الله وسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وسيرته العطرة؟!
(^) فلن يولد الرجال في أمة الإسلام إلا من رحم قوله تعالى :{إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة}.
(^) لن يولد الرجال في أمة الإسلام إلا من رحم قوله تعالى: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم او عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه}.
(^) لن يولد الرجال في أمة الإسلام إلا من رحم قوله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}.
(^) لن يولد الرجال في أمة الإسلام إلا من رحم قوله صلى الله عليه وسلم: “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين “.
(^) لن يكون هذا الرجل إلا من جعل سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم – كصفحة معروضة على عقله وقلبه لا يغيب عنه منها شيء؛ فهي المصنع الحقيقي الرجال وهي التربة التي تنبت الرجال ..وبغير ذلك سنظل نركض وراء السراب نحسبه ماء حتى إذا جئناه لم نجده شيئا.

فيا أمة الإسلام:
بني العقيدة لا كانت مواقفكم
حتى نفجر نحو الغرب بركانا

///
أيُزدرَى برسول الله بينكم
جهرا ويُمتٓهن القرآن إعلانا

///
هيا انهضوا أمةَ التوحيد وانتصروا
لله واتحدوا في الدين إخوانا

///
إلا نغار على عرض الرسول فهل
ترجو الشفاعة يوم الحشر مجانا

ملأ الله قلوبنا وقلوبكم بحب الله ورسوله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى