تأملات فرويدية

محمد حليم | العراق – النجف الأشرف

الإنسان كائن غريب يريد أن يستحوذ على كل شي، يهجس ثم يرغبُ ويطمعُ ويطمحُ كثيراً لكن عقلهُ في نسبة من الوعي يندس في تجسّد هذه الأعمال إيجابية كانت أم سلبية خيرة كانت أم شريرة.

لكن يبدو هو محقا على أن لا يتعدى السّطور الحمراء بين الأخرين فإنها ومن جميع النواحي تؤدي إلى الهاوية. ألا ترى الغريزة الجنسية عندما يصّعب الوصول إليها حسياً تبقَّى مدفونة في العقل الباطن لكن لو هربت من ذلك الباطن ماذا قد يحدث للعقل والقلب؟.

هل داهمك هذا الإحساس وأنت تسير إلى مكان مقصود لكن قدمك تخذلك إلى المضيّ بمكان غير ذلك؟ هل فكرت ذات يوم بعمل شنيع وشّاذ وللحظة تدخل عقلك الواعي وعاد بك إلى برّ الأمان؟ هل زلّ لسانك بكلمات لا تود أن تقولها؟

إننا نخّفي هذه الأفكار في عقولنا اللامدركة وهي بالفعل موجودة في العقل الباطن. “يكبتها العقل ويحتفظ بها اللاوعي كثيراً منها تكونت عندما كنا أطفالا.

يمكن لأحداث الطفولة أن تظهر في مرحلة البلوغ. يعتقد فرويد أن كل الرجال لديهم رغبة لا واعية بقتل آبائهم وممارسة الجنس مع أمهاتهم. هذه هي عقدة أوديب المشهورة. الذي حقق تنبؤأ يقضي بأن يقتل أباه ويتزوج أمه {1}” وفيما يخص عقدة أوديب التي شرحها فرويد في كتابه “التحليل النفسي والفن” ذهب فرويد بعيدا في تحليله؛ إذ أنه أغفل قواعد الدراما الإغريقية والتي في مقدمتها الأقدار التي تصفها الآلهة للبشر الفانين.

يعتقد فرويد أن الإنسان في كثير من الأحيان يكبت هذه الأفكار والنتيجة سلبية جداً لذلك إلى درجة أنه قد يجرؤ لرمي نفسه من على جسر شامخ ليخلصه قاع البحر من هذا الصراع الملازم ويفتته تحت الأعيّن المتصارعة أيضاً التي ربمَّا تقدح في عقلها هذه الفكرة [أي الانتحار غرقاً]. وتقدم عليها!

اقترح عالم النفس سيجموند فرويد تفسيراً وهو “أن المصدر الحقيقي لمشاكل هؤلاء الناس هو نوع ما من ذكرى أو رغبة مزعجة. هذه الذكرى أو الرغبة كانت لا واعية ولم تكن لهم أي فكرة عن وجودها {2}” .

كان فرويد يطلب من مرضاه التمدد على أريكة والتحدث عن أي شيء يمكن أن يفكروا فيه وغالباً ما كان هذا يشرع بجعلهم أفضل لأنه يتيح للأفكار بالإفلات.

هذه الطريقة التي تسمح لأفكار أن تتطاير أثمر نتائج ساحرة بتحويل ما كان لا واعيا من قبل إلى شيء مُدْرَك.

كما أنه طلب من المرضى أن يثرثروا عن أحلامهم. “حرر هذا العلاج بالكلام، بطريقة ما، أفكارهم المزعجة وأزال بعضا من الأعراض وكأن فعل الكلام حررهم من الضعط الذي تسببت فيه الأفكار التي لم يكونوا قادرين على مواجهتها.

كانت هذه ولادة التحيل النفسي {3}” . لذا فالمظاهر كاذبة وخادعة وينبغي لزوم الحيطة والحذر وهذا يتم بالإلمام بفنون الشفاء الذاتي من تأمل وغيره للسيطرة على هذه الأفكار .

***

المصادر:

1- مختصرات تاريخ الفلسفة، الفصل الثلاثون ص 243

2- مختصرات تاريخ الفلسفة، الفصل الثلاثون ص 242

3- نفس المصدر 243

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى