على إيقاع الهسيس
مالكة حبرشيد | المغرب
يسألُونك: من أنتَ؟
قلْ أنا ابنُ الفجيعةِ
ثمرةُ مخاضٍ دامَ جوعًا وكثير نزفٍ
وجع لطالما غنى لنهاراتٍ
رسمتْ تفاصيلَ السّؤال على جدارٍ بالٍ
حين هبتِ الرّيحُ… هدّتُه حتى آخرِ حبةِ رملٍ
*
أنا اللّقيطُ الّذي أنجبتْه الأيامُ الثّكلى
يوم ضاجعتِ الصّمتَ وفقًا لشريعةِ الغابِ
على إيقاعِ الهسيسِ… ورقصاتِ الثعابين
لا أعرفُ كيف تمَّ الوصالُ
ولا متى كشفتْ عورتَها للهيبِ
تُراودُه عن نفسِها… وهي القاصرُ…
لم تبلغ سنَّ الرَّفضِ
ولا أدركتْ ما تغيَّرَ من مدوناتِ الأحوالِ
فامتدتْ لظىً يداعبُ خدودَ الخرابِ
حتى تمَّ تدجيّنُ الاحتراقِ…
مستأنسًا صار كما القطط…
رفيقا لزمنِ الاكتئابِ
حيث الأجسادُ تنطفيء وسط َالجمرِ
الدمُ يشيخُ في الأوردة
لنغدو جموحا مرابطا في هينمات النشيج
*
لا حولَ ولا قوةَ… للبحرِ اليومَ
وقد صار مُسيّجًا بنيرانِ السُّجوفِ
أمواجُه غبارٌ اعتلى وجهَ الفضاءِ
هديرُه أنينٌ أينعَ في كتفِ الخنوعِ
الطّيورُ النّوارسُ… ماتتْ معلّقةً داخلَ طيرانِها
والبطاريقُ لا تملكُ… غيرَ حركاتٍ بهلوانيةٍ
تساعدُها على الاحتفالِ بأوجاعِها
و توزيعِ التحايا على خناجٍر تُجيدُ
اغتيالَ الأصواتِ… قبلَ أن تبرحَ الحناجرَ
*
يسألونك… من أيِّ صوبٍ جئتَ بنايك المكسورِ
ترفعُ النّشازَ على شطوطٍ من هباءٍ
يرتدُّ الصدى مذعورًا نحو صدورٍ
يخفق في حناياه الضياع
لتختارَ لها نهايةً تليقُ بالبؤسِ المعتّقِ
*
هيا… قفْ على تلةِ العصيان
تبرأ من أحزانِك
اكشفْ سرَّك للنّارِ
أعدْ تشكيلَ ملامحِك
التي حفرَ فيها القهرُ أدغالَ الأسى
خذ بيد كوكب يتعثر في الظلام
كن له بوصلة تحميه من ضلالة الهوى
الشياطين… والقمر المعتوه
الذي احكم اعتقال العقول
**
ماذا تقولُ كواسرُ الفصلِ الجديدِ؟
كيف تحمي من القيظِ هشيمَ الأمنياتِ؟
أمازالتْ تعشقُ الموتَ على شطآن الخُذلانِ؟
أمازال بيضُ اللاجدوى يفقسُ تحتَ أجنحتِها؟
وهي تنظرُ إلى الخريفِ وقد عرّى سوأةَ فلذاتِها؟
من يوزعُ الظّلامَ على مجازاتٍ تعترينا؟
يسقي كؤوسَ الهوانِ
للبدلِ والنّعتِ والمنعوتِ
قبلَ إعرابِ الشّارعِ المُنزوي
المحطاتِ التي علاها السُّعالُ
الأرصفةِ التي تحضنُ الكلامَ العصيَّ
وجرائدَ تراودُ الأمسَ عن نفسِه
حتى إذا بهُتَ السّؤالُ
صارتِ الهراوات تقتفي آثارَ العصيانِ
*
لك… لي… ولنا اليوم
أن نفقأ عيونَ خبث
تتابعُ رقصاتِ انتحارِنا
نذبحُ فرحةَ جدارية الزيف
التي تؤرخ محطات استسلامنا
نقطع حبالَ وهمِ تجيدُ ترميمَّ المرايا
لتمعنَ في خداعِنا
لا تبلسمُ جرحي
فقد أعضك عند أولِ صحوةٍ
لا تلحس عرقي
فقد يسحبُ آخرَ ذرةِ رفضٍ
تساعدُك على ارتقاءِ الجبلِ الأسودِ
إن بلغته… لا تنسْ أن تقرأ على مسامعِ الضّلالِ
آياتِ الانبعاثِ
علَّ القومَ يمتطون صهواتِ المحنِ
يخترقون آخرَ قطرةٍ حمراء
ويحررون الأحلامَ من أفرانِ العتمةِ