ولن أحب سواها.. (٢)

شرين خليل | مصر

اللوحة للفنان ألبرت أنكر

دكتورة مروة، في البداية أنا بعتذر لك لإني إقتحمت حياتك وخايف أكون ضايقتك.
قاطعتني والدتها : يابني أوعي تكون إنت اللي زعلان أصل مروة بنتي جد جدا طول عمرها جد وهي مش قصدها تزعلك .أنت شكلك إبن ناس إحنا من يوم مانقلنا هنا وإحنا في حالنا ملناش علاقة بحد وزي ما أنت شايف إحنا عايشين لوحدنا ومش بنحب أي مشاكل .
_أنا مش زعلان، حصل خير …وإن شاء الله مش هاتندم إنها عرفتني …أنا بصراحه من أول ماشفتها وحسيت إني عاوز أهتم بيها …مش عارف ليه …حسيت إني قريب منكم جدا …ودا السبب اللي خلاني أزوركم المرة اللي فاتت …صدقيني دا إحساسي ..وأنا عمري ماكدبت وأسألوا عني كمان .
ردت مروة : أنا فعلا سألت عليك والناس قالت إنك طيب جدا …بصراحه أنا كنت قلقانة منك …ومازلت ….ماهو مفيش حد طيب جدا في الزمن اللي إحنا فيه دا ….وبعدين قولت يمكن عاوز يتعرف علينا عشان لما يتجوز نكون ونس لمراتك …عشان كده وافقت إنك تيجي تزورنا وبصراحة كنت هاقولك ياريت تجيبها معاك …
_أكيد طبعا مش هالاقي ونس أحسن من كده ، دا من حسن حظي ،ممكن طلب صغير .
_إتفضل !!
_طالما مفيش زعل ممكن تقبلوا الهدايا دي ..
_ ليه كل التعب دا يا أستاذ هادي وأيه كل الحجات دي ..
_دي حجات بسيطة للأطفال الصغيرين أصل أنا بحب الأطفال جدا .وبدأت أحكي قصتي وقصة إبنتي التي حرمتني أمها من رؤيتها ، وكأنها محاولة مني حتي يرق قلبها لي وتدرك أنني فعلا صادق القول والفعل وأن الطيبة مازالت موجودة .
كانت تتحدث معي بجمل مختصرة وكأنها تريد أن تنهي الزيارة وتقول وقتك إنتهي …
إستأذنت بالخروج حتي لا تشعر أنني ضيفا ثقيلا و
قبل أن أخرج سألتها عن هؤلاء الأطفال بشكل غير مباشر .
_ أتمني الهدايا تعجب إخواتك؟
_ إخواتي!!!
أروي وأنس ولاد أختي مش إخواتي ..
إطمئن قلبي وهدأ عقلي .ولا شعوريا قلت لها الحمد لله ..
تبسمت وكأنها فهمت مايدور بخاطري فأنا لم أستطيع إخفاء مشاعري .
فتحت لي الباب وقالت :شرفتنا ..
_أنا فرحان جدا إنك سمحتي لي بالزيارة ودا الكارت بتاعي فيه رقمي لو إحتاجتي أي حاجه أنا تحت أمرك
…أنا مش غريب .
،أتمني أسمع صوتك ،أي وقت هاتلاقيني في إنتظارك ..
_شكرا جدا يا أستاذ هادي ..مع السلامة خرجت ….ولكني أريد أن أعرف عنها كل شئ …هل هي مرتبطة ؟ تساؤلات كثيرة بداخلي ….ونسيت أنني مرتبط ….ماذا سأفعل مع خطيبتي ؟ ومع أهلي ؟ وكيف سأبدوا أمامهم ؟ …
كنت أسير في الطريق وأنا أفكر ….وصلت إلي البيت لأجد أمي في إنتظاري ويبدو عليها الغضب الشديد فلم تنتظر حتي ألقي عليها التحية وسألتني بعنف : إتأخرت ليه ياهادي ؟ إنت ناسي إن إنهاردة كنت هاتروح مع خطيبتك عشان فستان الفرح …..وإزاي ماتتصلش عليها تطمنها عليك …..مالك فيك إيه وإيه اللي مغيرك ….ولا كلام أختك صح ….
_كلام إيه يا أمي ؟ أختي قالت إيه ؟
_قالت لي إنك عجباك الدكتورة اللي وديت بنتها عندها …كنت قاعد تبص لها وماكنتش علي بعضك ووقفت مع السكرتيرة تكلمها عليها …..أختك كانت واخدة بالها …..
_أيوا …..كلامها صح ….أنا بحب الدكتورة مروة …وعاوز أتجوزها ..أنا هاسيب خطيبتي …..
_إنت إتجننت يابني !! إنت بتقول إيه ؟ إنت ناسي إنك كاتب كتابك عليها …هو إنت كل شوية هاتطلق …..إظاهر إن مراتك الأولانية كان لها حق …..
_يا أمي إفهميني ..
_أنا مش هاتكلم معاك ….أبوك بقي يتصرف ….عاوز تسيب خطيبتك اللي زي القمر واللي شارياك وبتحبك …وتروح لواحدة تانية مانعرفش عنها حاجه ……
_ياأمي أنا طول عمري بسمع كلامكم …سيبوني مرة أختار بنفسي اللي إرتاحت لها …..
_أنا مش عارفه الدكتورة دي طلعت لنا منين …..إرجع لعقلك يابني …..
وبكرة تروح لخطيبتك وتاخدها تجيب لها أحسن فستان ….ومش عاوزة سيرة الدكتورة دي تتفتح هنا تاني …..
وخرجت أمي وتركتني وأنا بداخلي نار تحرق قلبي ….أول مرة أشعر بقسوة من أمي ….
تركت المنزل وصعدت إلي سيارتي ولا أعرف إلي أين أتجه ….أسير في كل الشوارع ….أحتاج إلي من يشعر بي ….فأنا حقا وحيد ….أول مرة في حياتي أكره شخصيتي وضعفي …..
إتصل علي أخي وقال لي أن أمي حكت له ماحدث ..وأنه يريد أن يتحدث معي …. وأنه سيأتي غدا ….ذهبت إلي البيت وقت أذان الفجر .،..ووجدت أبي يستعد للصلاة وقد أخبرته أمي بكل شئ .،..قال لي : بلاش تظلم حد معاك يابني …..وفكر بعقلك …شوف مصلحتك فين يابني …وقبل ماتاخد قرار فكر فيه كويس …وربنا يهديك يابني ….
صراع بداخلي …..هل سأظلم خطيبتي لو تركتها ،أم سأظلمها لو تزوجتها وأنا أحب غيرها …..هذه المرة لن أكون ضعيف وسأواجه الموقف ….هذا حقي في الحياة …وكفي طيبة وماجنته لي …،،،،،
وفي اليوم التالي ..جاء أخي وجلس يتحدث معي وينصحني بعدم التسرع في إتخاذ القرار….وقال لي ماقاله أبي …..
طلبت من أبي تأجيل موعد الزفاف بحجة أن الشقة لم تنتهي فأنا أحتاج إلى هدنة أفكر فيها وأراجع نفسي …..
قررت أن أخبر مروة بحقيقة مشاعري تجاهها ….إنتظرتها أمام العيادة …وعندما خرجت ذهبت إليها: دكتورة مروة ..
_ أستاذ هادي ! أهلا بحضرتك.
_ أنامحتاج أتكلم معاكي ضروري في موضوع مهم …..
_ خير في أيه؟!
_إسمحيلي نقعد شوية ونتكلم ……
_مفيش مانع ،هانتظرك في البيت .
_ممكن نقعد في أي مكان غير البيت.
_لأ طبعا أنا مش بقابل حد .
_أنا عارف دا كويس لكن البيت مش هاينفع صدقيني ،وبعدين إحنا ناس كبيرة وهانقعد في مكان عام ،وإختاريه إنتي …لأني هاتحرج أتكلم قدام والدتك ،أرجوكي ، دا قرار مصيري بالنسبة لي .
وافقت بعد إلحاح مني وبالفعل ذهبت معها إلي إحدي الكافتيريات وجلسنا .
نظرت لي نظرة كلها ترقب وقالت :
_أنا وافقت وجيت معاك ياريت تقولي في أيه بسرعة ..
_ممكن تسمعيني للأخر وبهدوء ….أرجوكي ….وبلاش تقاطعيني .،..
_إتفضل …..
حكيت لها كل حاجه عني وهي ساكتة وحكيت لها كل ماحدث لي من أول يوم رأيتها وقلت لها أنا عاوز أتجوزك ….أنا بحبك ……
ردت بمنتهي الهدوء والحزن يملأ عيناها: أسفه….. أنا مش بتجوز ولو كنت قولت لي من الأول إن الموضوع كده كنت وفرت عليك التعب والمشوار .
_ ليه مرتبطة ؟ _شئ مايخصكش، أنا جاوبت علي سؤالك وخلاص وكده الموضوع منتهي ممكن أمشي بقي ..
_ مش بسهولة كده أنا لازم أفهم ، إنتي مش عارفه إنتي أيه بالنسبة لي ..
_مش عاوزة أعرف ،أرجوك كفاية وإرجع لخطيبتك
بعد إذنك ….أنا هامشي ……
_إستني ..أنا لازم أفهم …..إنتي في حاجه مخبياها ومش عاوزه تقوليها ، مروة ماتكدبيش عليا إنتي بتقولي حاجة وعينيكي بتقول حاجة تانية ،حتي نبرة صوتك ،ملامحك ،أنا حاسس بيكي ،قولي اللي جواكي ،قولي الحقيقة وريحيني ،أرجوكي .
_أنا قولت اللي عندي وملوش لازمة الكلام …..الموضوع دا منتهي بالنسبة لي …. وياريت ماتفتحش الموضوع دا تاني وهاعتبر نفسي ماسمعتش حاجه منك ولا كأنك قولت حاجة..وبقولها لك تاني إرجع لخطيبتك وإنساني .سلام ..
تركتني وذهبت ….ولكني رأيت في عينيها نظرة تجعلني أتمسك بها ….لن أتنازل عن وجودك معي ولن أتركك ياحبيبتي و
لابد أن أعرف السر الذي تخفيه عني …..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى