عجوزٌ يغفو وسط الكلام

مؤمن سمير | مصر

أيقنتُ أخيراً أنه كان واهماً، ذلك الذي ظن أن الدموع تحفر لها مجرىً آمناً في صحراء الخد ثم بعدما تَنْضُجُ السنواتُ في القِدْرِ تعلو على جانبيه الابتسامات و الروائح المبهجة.. أو أن تلك الدموع قد شَرَّت أساساً من العينين في نفس الليلة التي طارَ فيها من أوراق حبيبتهِ..

الدموعُ يا صديقي جملةٌ منسيةٌ في جَيْبِ فنانٍ غامضٍ وشفيف ، خطفها مجنونٌ وألقاها فاستقرت في ذلك القلب الذي يحيا على الخوفِ والنسيان…

عباراتٌ مثل هذه تجعلني أعيد النظر في أشيائي القريبة  و البعيدة: أليس من الممكن أن تكون أقنعةً لقنابلَ قد تمزق أمي وتحرق صوتي وسجادتي التي اختبأتُ في نقوشها لأنجو من الزلزال؟ أَلا يصح أن تكون يد أبي التي تُحكم الغطاء من حولي وأنا أتظاهر بالنوم هي صاعقة الله الذي مَلَّ من ضجيجنا وبكائنا..؟

كثيراً ما أكون هكذا: أنفخُ وأُشَمِّرُ وأقول لنفسي أنا قادرٌ بما يكفي ثم أبدأُ بتكسير الجبال وإزاحتها من على صدري وكأنها سماواتٌ من الدخان.. لكنني للأسف أغفو كأي عجوزٍ في وسط الكلام، فتتسرَّبُ جبالٌ أخرى بدالها..  أزيحُ هرماً لأضع أباً وأنسى أباً لأغرق في عظام مجذوب.. في النهاية لا شيء إلا الظِلال والظِلالُ هي الأخرى تتناسَلُ وتملأ حائطاً وحائطاً و الحوائطُ لها عيون والعيونُ لا تشغلني بما تراه ولكنها ترعبني بكل ما تقبض عليهِ ثم تُصِرُّ ألا تحكي عنهُ ..                         حتى في ليالي الشتاء..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى