يا فتَّاح: قصة هايبون

د. جمال الجزيري | مصر

قالت لي زرقاء اليمامة:

  • ابعد عن هذه الرواية. لا تذهب لعش الدبابير. ستندم. لا تستفزهم. لن تخسر شيئا لو أخرت كتابتها شهرا أو شهرين. كله بإذن الله.

حاولت أن أعمل من نفسي أبا العُرِّيف، وأنسف هذه الخزعبلات التي تعشش في رؤوسنا، وأننا إذا أخلصنا للطريق وصلنا. وها أنا منسوف لا أدري من شأني شيئا، كأن هذه الرواية جبروت، ومن يتصدى لها تجرفه من طريقها.

هل يُعقل هذا يا… من أنا؟ ومن هي؟ وما الإذن؟ من الكاتب؟ ومن المكتوب؟ ما المكتوب؟ ما الكتابة؟!

بشراك يا مارس! ألم نتفق على أن نبدأ بك السنة منذ أيام؟ ما لعب العيال هذا؟! طيب! اعتبرني عيلا وأشخبط في كراستي. اعتبرني مجنونا ولا قلم لي ولا عليّ. اعتبر فصا من مخي طق. اعتبرني شحاذا وطمع في شيء مما بيديك. اعتبرني سحابة طائشة وأنزلها على الأرض التي تهواها؛ فمن يدري؟ ربما نبتت شجرة في هذه الأرض. ربما تجمعت عليها الطيور. ربما استظل بها تائه في الصحراء. ربما كنتُ ذا نفع. ربما أصلح لتجربة أخرى. ربما كان الفساد والدماء حقيقيين. ربما لا توجد أبعاد أخرى. وربما يصلح معي أن أؤمن بالأبعاد الأخرى. تعرف أن من أفسد الرواية يريد أن يبعدني عنك. وأنا لا أريد أن أبعد عنك، بالمعلوم وبالمجهول، بالافتراض وبالواقع. ويقترح علي الهاتف الانقراض بدلا من الافتراض. من الذي سينقرض؟ ويقترح الهاتف سننقرض. أنا لا أعرف التجديف. لكنني أؤمن بالعلامات. والهاتف يقول الإعلانات. وأظن أنني في الواقع. ألا ترى كيف يمكن لأي شيء أن ينقلب إلى أي شيء آخر بحرف أو حرفين؟ أريد بوصلة. هذا التقلب قد يتحول إلى قالب، كما يقترح الهاتف. والهاتف ذاته قد ينقلب إلى هتاف، كما يقترح الهاتف. وأنا مللت الهتافات والخناقات والخنقات. ووسط كل هذا، ما زلت راجيا وطامعا ومتعشما ومتشحتفا. هيا بنا نلعب لعبة جديدة؛ هذه اللعبة الحالية غلبت احتمالي؛ فكيف أواصل فيها وأنا بلا حول ولا قوة؟ نظرة واحدة فقط وتتبدل الأحوال. يقترح الهاتف نتبادل وتتبادل، وأنا لا أرضى لأحد هذا العذاب، حتى لو كان هذا الأحد هو مصدر العذاب. لا أريد أن أستخدم المنطق الآن؛ لأنني أعرف أنه ليس القانون الساري في حالتي.

شخص أطفأ النور:

“ماش في نور الله

أدعو وأقول: يا رب”.

.

ضباب كثيف:

هل أراه انقشاعا

أم أسوارا تقام؟

.

ليس ظلا

ذلك المنبطح على الأرض

هو أنا وأثقالي تنوء بي.

.

ساقية تدور:

لماذا لا أصل إلى طريقي؟

من عطل جهاز استقبالي؟

.

نعم ضاقت،

وضاقت وضاقت؛

أين الثغرة؟

.

هل هذا كثير؟

ثغرة انفراج

وبعدها نتحاسب!

.

عيل تائه

دقاته على الباب عجماء؛

يا فتاح يا كريم.

جمال الجزيري

١ مارس ٢٠٢٠

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى