مثواك أعيننا.. إلى السلطان قابوس – طيّب الله ثراه –
عبد الرزّاق الربيعي | شاعر ومسرحي وكاتب صحافي
يا منتهى الحبّ واهٍ بعدك الجَلَدُ
يا والدا شبّ في عليائه البلدُ
<<>>
أزرى بنا الحزنُ، مذ أسريتَ يا قبسا
إذ صافح النورَ في معراجك الأبدُ
<<>>
لا لون للرمل، والأمواجُ عابسةٌ
والنخلُ منكسرٌ، والبحرُ مرتعدُ
<<>>
والريحُ في الأفق تجري دونما هدفٍ
سكرى ترجّي بأن يُلقى لها مددُ
<<>>
ناحَ العرينُ صروف الدهر سادرةً
إذ لم يعد رابضا في عرشِهِ الأسدُ
<<>>
غاب الذي في نياطِ القلبِ مسكنهُ
فأثقل الروحَ همٌّ ماله أمدُ
<<>>
غاب الذي لم يدعْ طفلا ينامُ على
رصيفِ حزنٍ، وأعطى كلّ مايجدُ
<<>>
الساكنين جراح الأرض من قِدمٍ
حتى الألى بعد في الأرحام ما ولدوا
<<>>
غابَ الذي أطفأ النارَ التي أكلتْ
مَنْ أشعلوها، وغيرَ الخزي ماحصدوا
<<>>
هبّت عواصفُهم من كلِّ ناحيةٍ
وخيمةُ السلمِ لم يسلمْ بها وتدُ
<<>>
ألقى على الجمرِ من آلاء غيمتِهِ
فأزهرَ الوردُ، والأمطارُ والبَرَدُ
<<>>
بدرٌ تجلّى على الدنيا بغرّتِهِ
كلُّ الجهاتِ إلى أنواره تَفِدُ
<<>>
تضاءلت عتمةٌ مذ لاحَ بارقُهُ
وكلّ من أبصروا أمجاده شهدوا
<<>>
خمسونَ عاما بنا يُعلي مهابتنا
والناس من كل حدب حوله احتشدوا
<<>>
خمسون عاما تلحّفنا عباءته
كوالدٍ مشفقٍ أن يبردَ الولدُ
<<>>
خمسون عاما عرفنا من تواضعهِ
أنّ الحياة لمَنْ في عيشِهم زهدوا
<<>>
فجرٌ تفيضُ على الدنيا سماحتُه
به القلوبُ بحبلِ الودّ تتّحدُ
<<>>
خمسون خمسون ما أبهاك من رجلٍ!
في حبّه نصطلي وهجا ونتّقدُ
<<>>
يمضي الليالي بضوء القلب يحرسنا
وحين نغفو على عينيهِ نعتمدُ
<<>>
أفنى الثمانين يبني صرحَ عزّتنا
ونحن من مجدهِ في سقفِها عَمَد
<<>>
لو حاولوا ذكرَ بعضٍ من مناقبهِ
ودوّنوها لأعيى حصرها عددُ
<<>>
لما سرى موكبُ الأنوارِ مرتحلا
ضاقتْ بنا الأرضُ حتى ظّن لا نَجَد
<<>>
ناحتْ طيورٌ سقاها من جداولِهِ
لما مضوا بمهيبِ الظلّ وابتعدوا
<<>>
ألقتْ على حائطِ الأحزانِ أسئلةً
حيرى، وأجوبةٌ لليوم ما وجدوا:
<<>>
مَن لليتامى؟ ومَنْ للمعوزين بها
مادام قد غابَ نِعْمَ العونُ والسندُ
<<>>
لكنّ ما هوّن البلوى وصغّرها
أقام في الخُلد معْ من قبلهِ خلدوا
<<>>
قابوس حيٌّ بنا، مثواك أعينُنا
نبقى لعهدك دوما خير من عُهدوا
<<>>
روحٌ تطيّب جوفَ الأرضِ نفحتُها
وفي القلوبِ ضياءُ الروحِ يحتشدُ
<<>>
يا أيها الكوكب الوضّاء يا وطنا
حكايةٌ قد زها أمسٌ بها وغدُ
<<>>
قابوسُ يا إرثنا الزاهي وملهمنا
رعاك في منتهاكَ الواحدُ الأحدُ