فضل طهبوب.. شخصية مقدسية تتمسك بالطرح العقلاني والنضال المحسوب لتحقيق الأهداف العليا
محمد زحايكة | فلسطين
كانت معرفة الصاحب بالناشط والقيادي السياسي المقدسي فضل طهبوب “أبو الهيثم ” من أيام جريدة الفجر حيث كان يخف ويغذ الخطى في شوارع القدس منطلقا إلى عمله أو عائدا إلى بيته ناحية واد الجوز.. حيث كان الصاحب يزوره كلما خرح من ” بيت خالته ” التي كان كثيرا ما يزورها خاصة وإنه أسير محرر من العيار الثقيل .. وبعد ذلك كان ما أن يخرج من المعتقل حتى يتم توقيفه مجددا وهو ما حصل ذات مرة عندما صدر عليه حكم بالسجن وأجبر على تسليم نفسه في يوم بارد زمهرير، ندف فيه الثلج بقوة ورافقه الصاحب مصطحبا ” قوة ” ردع من الصحافة الأجنبية حتى مدخل سجن المسكوبية حيث غاص أبو الهيثم في سراديبه وهو يبتسم ويلوح لنا بقبضة يديه، بعد أن تم تقييدهما بالكلبشات.. ولسان حاله يقول: عمر باب سجن ما أغلق على سجين.. والحرية لشعبنا آتية في نهاية المطاف؟
وكان الصاحب كثيرا ما يستمع إلى وجهة نظر طهبوب حيال القضية الفلسطينية وسبل التوصل إلى حل عادل ومشرف لها في ظل احتلال غاشم ومتغطرس وموازين قوى مختلة لصالحه، فكانت وجهة نظره واقعية ومتزنة وصار في السنوات الأخيرة يطرحها من خلال برامج تلفزية وإعلامية متعددة بعد أن احترف التحليل السياسي والتي تتسم بالجدية ومحاولة البحث عن طوق نجاة يتعلق به الشعب الفلسطيني وقيادته التي طالما حثها على خلق معادلة ردع من خلال بناء استراتيجية تكاملية بين الشمال والجنوب أي بين جناحي الوطن المحتل حيث يعتقد أن هذا الأمر ممكن وغير مستحيل إذا خلصت النيات وصدقت الإرادات؟
وأبو الهيثم شخصية مقدسية معتدة بنفسها وتظن أنها تحمل أفكارا عملية وصائبة ولكنها بحاجة إلى قوة تنفيذية وإرادة سياسية لتطبيقها على ارض الواقع حتى نجني ثمارها ونحسن من أدائنا السياسي ونستخدم أوراقنا بحكمة حتى نتمكن من انتزاع حقوق شعبنا المشروعة والمعترف بها دوليا؟
وطالما تكهن أبو الهيثم بحتمية نشوب نزاع مسلح اقليمي تكون إسرائيل وإيران طرفان فيه وهو ما أفضى به أثناء استضافته في صالون القدس في المكتبة العلمية قبل ربما نحو عقد من الزمان، ولكن هذه “الحرب الموعودة” أو المزعومة، لم تدر رحاها حتى الآن.. ” ويا مين عالم أن تدور رحاها أم لا “..؟ فالخواجات وجيشهم الذي لا يقهر لا يتجرا سوى على غزة المعزولة والمحاصرة وحتى رمز العزة باتت تدميهم وشوكة في حلقهم ويجبنون عن اقتحامها مكتفين بضربها من بعيد قوي؟
وذات مرة، أفضى أبو الهيثم بشيء للصاحب أزعجه، يخص رفيق ” نضالي” له كان معه في السجن وكان محسوبا على جماعته وهو من بلديات الصاحب، بانه لم يتصرف كما يجب في ميزانية التنظيم وإنه بما معناه ارتكب لغوصات ما.. الأمر الذي أزعج الصاحب الذي كان يحمل أفكارا مثالية عن الرفاق والمناضلين الذين هم فوق كل الشبهات المالية والأخلاقية.. ولكننا.. إن طلعنا أو نزلنا نبقى بشرا خطائين من الممكن أن تضعف نفوسنا في ظروف معينة.. فالنفس أمارة بالسوء .
فضل طهبوب نوع من السياسيين الواقعيين يميل إلى التكتم وعدم الزعبرة والتشدق وهو يمقت رفع سقف التوقعات والجعجعات الفارغة بتحقيق انتصارات وهمية .. ويدعو إلى التريث الشديد ومقارعة العدو بحكمة وبنفس طويل وحساب الجدوى في مراكمة العملية النضالية ومدى ما تحققه من مفاعيل إيجابية على الأرض حتى تكون رافعة نفسية وسياسية للجماهير وليس مؤشر إحباط ويأس وتراجع ونكوص ..
طهبوب صاحب وجهة نظر سياسية لها سمات الرشد والعقلانية والرصانة تؤمن بأنه من لا يحسب لا يسلم .. وإن صراعنا طويل الأمد ولكن هناك ضوء مؤكد في نهاية النفق المعتم. كل الاحترام والتقدير لهذه العقلية الفلسطينية الحكيمة والرشيدة.