الدكتور محمود رزق محمود شيخ مؤرخي دار العلوم بالمنيا
أبو الحسن الجمال | مصر
أسهم الدكتور محمود رزق بجهد وفير في الدراسات التاريخية وكان عطاؤه مثمراً على كل الأصعدة الاتجاهات، وعلي يديه تخرج العشرات من أساتذة التاريخ سواء في جامعة المنيا والجامعات المصرية الأخرى وكذلك الجامعات العربية التي قام بالتدريس فيها في المملكة العربية السعودية واليمن.. وله إنتاج علمي متميز سواء في التأليف أو تحقيق التراث، وقد ألف في حقب التاريخ المختلفة، كما حقق أجزاء من الكتاب الموسوعي الضخم عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان، وقد اكتسب خبرة في هذا المجال (تحقيق التراث) لأنه عمل في مركز تحقيق التراث بدار الكتب المصرية لأكثر من عشرين واستفاد من شيوخ التحقيق الذين حققوا الكتب الضخمة التي صدرت عن هذا المركز العريق..نتذكره في ذكرى رحيله الثالثة ونقدمه نموذجاً يحتدى به للشباب والناشئة وشباب الباحثين، فقد انتصر الرجل على المستحيل ولم يقهره اليأس وأنما حفر في الصخر وأكمل دراساته العليا في ظروف بالغة الصعوبة حتى تسنم مكانة في خارطة الدراسات التاريخية، واشكر أسرته التي قدمت لي يد العون ولم تبخل علي بشيء في كتابة هذه السطور.
ولد في قرية فاو قبلي بمركز دشنابمحافظة قنا في 21 مارس سنة 1935، لأسرة متوسطة حيث كان والده تاجراً للأغنام والأدوات الزراعية، وتعلم في مدارس دشنا، حتى حصل على الشهادة الثانوية من مدرسة دشنا الثانوية، ثم التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة واختار قسم التاريخ وكان قسم التاريخ يعج بالعديد من الأساتذة من أمثال: محمد جمال الدين سرور، وحسن محمود، وسعيد عبد الفتاح عاشور، وسيد الناصري، وحصل على الليسانس بتقدير جيد عام 1964، ثم درس في معهد التخطيط، ثم أكمل دراساته العليا في تاريخ العصور الوسطى وحصل على الماجستير، من كلية الآداب جامعة عين شمس بإشراف الدكتور حسن حبشي عام 1973، والدكتوراه من نفس الكلية بإشراف الدكتور قاسم عبده قاسم عام 1985، بمرتبة الشرف العليا، وقد عمل فور تخرجه سنة 1964بمركز تحقيق التراث بدار الكتب المصرية، واكتسب خبرة في تحقيق التراث من الأساتذة الكبار الذين كانوا يحققون الموسوعات والكتب النفيسة من أمثال: سعيد عاشور، وحسين نصار، وحسنين محمد ربيع، ومحمد محمد أمين، وفهيم شلتوت، ومحمد عبد الهادي شعيرة، وزامل فيه كبار الباحثين من أمثال: عبد المجيد دياب، وصابر إدريس، وأحمد عبد المجيد هريدي، وغيرهم.. وظل يعمل بالمركز حتى عام 1985، ثم عين مدرساً للتاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية في كلية الدراسات العربية بجامعة المنيا من عام 1985-1992، ثم أستاذ مساعد (مشارك) ورئيس قسم التاريخ بالكلية عام 1992، ثم عين وكيلاً للكلية لشئون خدمة المجتمع والبيئة من عام 1994 إلى 1995.
وقد عمل بالعديد من الجامعات العربية؛ فأثناء عمله أُعير إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لتدريس مادة التاريخ الإسلامي والوسيط بالمعاهد العلمية من عام 1973 إلى عام 1978، ثم انتقل إلى للعمل بكلية الشريعة بنفس الجامعة لمدة عام من 1978 إلى 1979، ثم أعير إلى كلية التربية جامعة صنعاء (فرع ثمار) من 1991-1993.
وفي داخل مصر انتدب لتدريس التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية بكليتي الآداب والتربية جامعة القاهرة – فرع بني سويف منذ عام 1993، ثم انتدب للتدريس بمعهد إعداد الدعاة بمديريات أوقاف المنيا والجيزة عام 1993.
وقام الدكتور محمود رزق بتدريس مواد الحرب الصليبية، والدولة الأيوبية والمملوكية، وأوربا في العصور الوسطى، والمماليك والعثمانيين، والسيرة النبوية، والدولة العربية الإسلامية، والدولة الأموية، والمغرب والأندلس، ومصادر التاريخ الإسلامي (دراسات عليا)، وفلسفة التاريخ (دراسات عليا)، ومناهج التحقيق – مركز تحقيق التراث (دراسات عليا)، ومناهج البحث التاريخ (دراسات عليا).
وقد أمد الدكتور محمود رزق المكتبة العربية بالعديد من الكتب والأبحاث، التي تناولت حقب التاريخ المختلفة ومن كتبه نذكر: “تاريخ الدعوة – عصر النبوة” دار الهداية، 1986، و”دراسات في تاريخ صدر الإسلام” دار الهداية 1986، و”المرأة في صدر الإسلام- رؤية تاريخية” القاهرة ، دار الزهراء 1987، و”دراسات في تاريخ الحروب الصليبية” القاهرة ، دار الزهراء 1987، و”العلاقات بين الشرق والغرب في العصور الوسطى”، المنيا، دار الأمانة 1987، و”الأسرى في صدر الإسلام رؤية تاريخية”، القاهرة، دار الزهراء 1990، و”دراسات في تاريخ الدولة العباسية”، المنيا، دار الأمانة 1990، و”في تاريخ الحضارة الإسلامية في العصور الوسطى”، المنيا، دار الأمانة 1994،و”في تاريخ النظم الإسلامية”المنيا، دار الأمانة 1994،و”محاضرات في تاريخ مصر الإسلامية”، المنيا، دار الأمانة 1995، و”دراسات في تاريخ الدولة الأموية”، المنيا، دار الأمانة 1995، و”دراسات في تاريخ المغرب والأندلس”، المنيا، دار الأمانة 1996، و”الدولة العربية الإسلامية” المنيا، دار الأمانة 1996.
ومن أبحاثه: “ريموند الصنجيلي والدولة البيزنطية” مجلة كلية التربية جامعة صنعاء، فرع نمار 1992، و”الهدايا والهبات وأثرها السياسي والاجتماعي في الدولة الإسلامية” مجلة كلية التربية جامعة صنعاء، فرع نمار 1993، و”السبايا في صدر الإسلامية رؤية تاريخية”، مجلة مركز دراسات الشرق الأوسط، جامعة عين شمس 1991، العدد 88، و”الطب والأقرابازين في العصور الوسطى”، حولية كلية الدراسات العربية جامعة المنيا، 1995، و”الزواج السياسي في العصور الوسطى” حولية كلية الدراسات العربية جامعة المنيا، 1996. وفي مجال تحقيق التراث حقق الدكتور محمود رزق عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان – العصر الأيوبي” في أربعة أجزاء، وصدر عن مركز تحقيق التراث بدار الكتب.
وكان الدكتور محمود رزق عضواً في العديد من الهيئات العلمية مثل: اتحاد المؤرخين العرب، والجمعية المصرية للدراسات التاريخية، ومجلس إدارة مركز المخطوطات بكلية الدراسات العربية جامعة المنيا، ومجلس إدارة مركز تحقيق التراث بدار الكتب.
وفاته:
رحل الدكتور محمود رزق محمود إلى الرفيق الأعلى فجر يوم الجمعة الموافق الثاني عشر من شهر جمادى الأولى سنة 1440هـ (الثامن عشر من شهر يناير سنة 2019) عن عمر قارب 83 عاماً.