شاهد واستمع واقرأ.. العشق الصوفي على أوتار نصير شمة
بقلم: الكاتبة دنيا علي الحسني | العراق
بعزف الحان صوفية روحانية، تتجاوز الحدود الموسيقية يواصل “ملك العود ” الموسيقار العالمي ” “نصير شمة” الجولة العالمية لألبومه الجديد. (الذي تضمن مقطوعة جلال الدين الرومي) قدمها عرضاً في مهرجان أبو ظبي ضمن سلسلة موسيقى الروحية لسنة؛ “٢٠٢١”م؛ وقدمها عرض في افتتاح أوبرا عمان في مسقط بأمسية فنية من أروع ما قدمته أوركسترا الشرق، وهي تجمع لمعظم الآلات الشرق الأقصى والأدنى والعالم العربي المؤلفة من سبعين عازف التي أسسها عام “٢٠٠٨”م؛ وهذه المجموعة من كبار الموسيقيين في العالم الذين تالقوا جميعًا برفقة “نصيرشمة “ قدموا أبرز ما موجود داخل الشرق من جماليات وثقافة وايقاعات بتأليف موسيقي جديد وضعه الموسيقار “نصير شمة ” ليكون لها صوت وهوية جديدة. وشاركه ضمن فعاليات المهرجان، أحد أهم مؤدي الرقصة الصوفية والمولوية محمد الشعراوي من مصر، في أداء هذا نوع من أنواع الذكر الذي أبتكرها،”جلال الدين الرومي”وتمارس عند متبعي الطريقة الصوفية يسمى أحيانًا رقص “سماع” القائم على الدوران حول النفس والتأمل الذي يقوم به المؤدي يهدف الوصول إلى مرحلة الكمال والإتحاد بين العاشق والمعشوق. وهذا الإتحاد الإندماجي في المقطوعة الموسيقية “جلال الدين الرومي”، والعازف “نصير شمة “، قدم العشق الصوفي المدهش الذي عزفه على أوتار وطنه العريق تنبض وجدًا بين أنامله تحاكي حالات العشق الصوفي ونوبات الإنسجام مخاطبًا الإحساس والوجدان بعزف ساحر أخاذ يحرك أفئدة السامعين بمختلف المشاعرالمرتبطة بهذه الألحان الفريدة في تعدد مصادره وروافده الموسيقية المنفتحة على زوايا متعددة، وقدرته على تأسيس علاقة بالمتلقي واشتراكه في الإنسجام والمتعة والنشوة في محيط يحكمه الجمال والعزف الروحاني على “آلة العود” فهي تمتلك أمكانية بلا حدود تسمو بالنفس بعيدًا عن عالم الماديات، لقد حقق “نصير شمة ” بصمة كبيرة في أدخال العود في مناطق موسيقية جديدة، لم يقربها أحد من قبل، وهو لا يؤمن بما يسمى موسيقى شرقية وموسيقى غربية هناك لغة مشاعر واحدة بلهجات متعددة، تفسح لمن يمتلك أدواته حرية التعبير، لأن الفكرة ليست في نوع الآلة التي يعزف عليها بل في القدرة على الأبداع، وكيفية التواجد ضمن الآلات الأخرى والإنسجام معها ضمن تجاربه في إشراك العود مع الأوركسترا وجعل العود هو الأساس فيما تشكل الأوركسترا الإطار العام للفكرة .
لكنه تميز منفردًا مع العود فالنجاح حققه كشخص واحد يحكمه منطق التوحد في الحضور الموسيقي مع تعددية الآلات الموسيقية وخلق الإنسجام الروحي بين العازفين أثناء العزف وتبادل الخبرات الفنية بحرفية عالية. كما أعتبر “نصير شمة ” أن الشعر أحد أغنى روافده في التأليف الموسيقي لذلك تعامل معه بعين الفاحص ببواطن جمال الذائقة الشعرية، من حيث لا تغريه الجملة ذات الإيقاع الرنان بل الصورة المعبرة والمرجعية التي تقف وراء أي جملة شعرية مهما كانت صغيرة ويستلهم من هذه القيمة والزاد المعرفي في قدرته على تحقيق الإبتكار والإبداع الموسيقي ومن هنا أتخذ قصائد العشق الإلهي منطلقه في أعماله الصوفية التي أتخذها كما قال: طريقاً لتعبد والتقرب إلى”الله” سبحانه وتعالى” حيث كان يعتكف على تأليف مقطوعات موسيقية صوفية مثل: الألحان في ،، شعر الحلاج،، السهروردي ،، أبو مدين الغوث،، المتوكل طه،، والخ ..، ومن خلال العديدمن المهرجانات كان الموسيقار العالمي “نصير شمة ”يحيي ليالي العشق الإلهي مع كبار المنشدين والموسيقيين العرب والأجانب ويقدم فيها أسطورة العزف على العود مقاطع من عدة ألحان مختلفة مع جمالية الإيقاع في القصيدة الصوفية من أجمل المقطوعات الموسيقية الصوفية في العشق الإلهي، وشاركته فرقته الموسيقية “عيون” كما تم إدخال إيقاعات والآلات الغربية ضمن فعاليات المهرجان بالإضافة لصوتين جديدين إحداهما من المغرب “فاتن هلال” والآخر من سوريا “خاطر ضوا” في حفل ختام مهرجان تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية. وفي هذا النوع من الفن ( العشق الإلهي) يؤكد أن تجربته ليست جديدة، بل مارسها منذ عشر سنوات ولاقت نجاحًا كبيرًا ولا يزال في ريعان إقباله لمثل هذا المعنى الروحي لإثراء عمله في مجال الإنتاج الفني الموسيقي، الذي مكنه من مد جسور التواصل مع العديد من النجوم والفنانين حول العالم. وحين راح يمد يديه لكل ما هو جميل وأصيل فنيًا وروحيًا كتب على جبينه فنان صوفي عاشق ولهان وغيور على وطنه العريق الذي ترعرع في تربته واستفاد من قيم بلده المنشأ واحتكاكه بالعديد من الثقافات المتنوعة ، قد ولد”نصير شمة” فنانًا بالفطرة ليمس كل مافي خلجات نفسه لمسه فنية شفافة وشاعرية ترقص على فن الإيقاع الموسيقي العالمي. وحاول جاهداً تقديم أفضل العروض الموسيقية الصوفية، من أجل تقديم أسلوب موسيقي صوفي بشكل حديث، وإن جميع الأعمال التي يقدمها الموسيقار العالمي“نصير شمة” عبارة عن مواضيع قصصية صوفية تلامس الوجدان الروحي والواقع الإنساني مثل: المقطوعة الموسيقية التي ألفها عن مقتل الحلاج وسماها ” قبل أن أصلب ”( الف مضمومة) مقطوعة: حالي به يحلو ،،، حالة الوجد،،، إشراق،،، رحلة الأرواح،،، عن نبره الحب الصوفية التي نحسها في أوتاره، يعبر عنها بصدق إحساسه الفني في تجليات نزعة روحه الانسانية، تأخذ في جوهرها الجوانب الخلاقة التي كان عليها، في إطار إيمانه بدور الفن كأداة لتواصل الشعوب وتلاقيها وتسخير الإبداع الفني، لتغيير الحياة بروح الرؤيا الجمالية الإيمانية وفطرتها الروحية التي جسدت على أرض الواقع بقوة الفن الناعمة في إلهام الناس من أجل العمل تحت شعار الإنسانية تجمعنا نحوالمحبة والسلام.