الظلال
أحمد برقاوي
ما أطول عمرك يا إله الظلال
كم من إله غيرك لفه العدم
وأنت لما تزل حياً ،
تجوب شوارع المدن القديمة و الجديدة
وتعتلي منابر الخطباء والدعاة و الطغاة
سعيداً تلقي التحية على الظلال
الظلال يا ابن أثينا الظلال !
تزدحم الحياة بالظلال
على العروش ظلال
أقلام ظلال
كلام ظلال
و رجال ظلال
حتى الأحلام صارت ظلالا،
سوفوكليس أيها الغاضب من الأشباح
أشباحك تملأ مسارح الحياة
باخوس يا أبتي
ليست الخمرة خمراً في بيوت الأثرياء
والمتسكعون في الحانات
ليسوا من أبنائك ،
نيتشه أيها المجنون العظيم
دريدايختفي خلف إصبعك
و يا رهين المحبسين ضائع أنت في بلاد البغاة
غريب قبرك على ضفة السوق.
الأشباح الأشباح :
أتحُتضن الأشباح
من ذا الذي يطبع القبل على فم الأشباح !
طال بقاؤك أيتها الظلال
والغبار يعفر جسد فينوس
وخوفو هرم يحكي قصة الخلود للعاجزين
ظلال.. ظلال.
ظلال ترفع الليل
رايات على جدران قصر هشام
تموز يا أبتي
من ذَا الذي أغواك بالرحيل عن هذه الأرض
وحدك الآن في معبدك البعيد
والأعياد ماتت في ساحات دمشق
باخوس : قل لغيوم الخمر أن تبكي
على رفات عشتار
فكل الآلهات بعد عشتار ظلال
انتجونى:
ادفني موتاك ولا تخافي ،
كي لا يفسد الجثث جوع الغراب
ميت على كرسيه الأبشع
يحكم على الأحياء
يا سبارتاكوس هم العبيد
عادوا إلى ما قبل دمك
ولا مسيح
وهذا المتربع فوق جماجم الأطفال
هو من دلّ عليك .
أبا ذرٍ أيها الخائف من سبابة اللا
أأنت أنت من أورثتهم هذا الخنوع !
الآن الآن يحفرون لك قبراً في الخلاء
يا ابن الوليد:
يا من حللت الخمر غسلاً
اغسلنا من الدنس الجديد
فلا نامت أعين الجبناء ،
أبتي يا أبا القاسم
ظلال تشهر السيوف على ظلال
وباسمك
ظلال تغتال ظلالا
يا الدم المسفوح في بغداد
يا ظل صفين
أيتها القبور التي أينعت
وحان قطافها
أخرجي من روح المكان وغوري
تموز يا أبتي
جرد حسامك من غمده
“فليس له بعد أن يغمدا”
اقتله وإن شئت اقتلني
كي لا تحملني على الخنوع
أنا الشعلة وما كنت سارقها.
أيها النيل أأنت أنت
أأنت النيل أم ظل
غريب ضائع في زحمة الفقراء
تعبٌ من طول انتظار
وما عاد فيك رمق للمسير
يا صبايا النيل
فكي أسر هذا الساحر البهي
فض ، فض يا أبا الفقراء
فكل الصبايا عرائس على جسرك النبيل
خرجن من قلب الماء
راقصات في ساحة التحرير
والشاحبون كبقايا قصر شامبيلون
يتهامسون خوفاً من صوت الحناجر،
وأنت يا ابن العاص،
يا داهية العرب ،
يا من قلت للهامات أن ارتفعي
جباه أهليك ازرقت
من تقوى – ظلال
يالفاتح أرض مصر
قبركُ لا يهاب ولا يزار .
ظلال تشبه الظلال
نفوس ولا نفوس
خيالات الشجر ولا شجر
أصداء ولا أصوات .
يا ابن باجة ضقت ذرعاً بالهوام
وضاق على روحي هذا المكان
أفردت أجنحتي البيضاء
وطرت بأحلامي الزرقاء
ورحت في رحلة المعنى
هائماً في وديان الكشوف
و رأيت ألف ألف ألف سجين في الفضا
و في الوديان سكان كهوف
و على السفوح تيجان في سبات
قل لي يالمتوحد تدبيراً
إلى أين أمضي !
لا صوامع الكهان تغريني
ولا جلابيب من وبر و صوف
طائر إلى جلق وحدي
فيا نساء الشام أخطن الكفن الأسود لإله الظلال
فالأنا قام من بين الأموات .