عُذْرًا يا سَيِّدَتِي!
تركي عامر | فلسطين
عُذْرًا يا سَيِّدَتِي!
سَأُطِيلُ قَلِيلًا. قَدْ أَنْسَى
شَيْئًا. فَلْتَفْرَحْ كاسِحَةُ الأَلْغامْ.
سَأَكُونُ قَلِيلَ الذَّوْقِ. قَتِيلًا
أَطْرَحُ وَقْتِي. أَشْرَحُ مَوْتِي،
دُونَ كَلامْ.
فَسَأَهْرُبُ مِنْ لُغَتِي
وَمُرَاوَغَتِي،
أَتَبَرَّأُ مِنْ حِبْرٍ
يَسْتَوْطِنُ أَوْرِدَتِي،
وَأَقُولُ “سَلامْ!”.
عُذْرًا يا سَيِّدَتِي!
لَنْ أَكْتُبَ فِيكِ قَصِيدَةَ حُبٍّ،
مَلَّ القَلْبُ مُعاقَرَةَ الأَوْهامْ.
وَسَأَطْلُبُ مِنْ رَبِّي،
أَنْ يُرْسِلَ رِيحًا تَمْسَحُنِي
مِنْ قائِمَةِ الأَقْلامْ.
قَدْ تَفْرَحُ شافِيَةُ الأَوْرامْ.
عُذْرًا يا سَيِّدَتِي!
لا أَحْفَظُ أَبْياتًا قِيلَتْ،
تُسْتَنْفَرُ جاهِزَةً فِي كُلِّ مَقامْ.
لا أُتْقِنُ قَصَّ رِواياتٍ،
وَبِقُدْرَةِ مُخْرِجَةٍ صارَتْ أَفْلامْ.
سَأَبِيعُكِ أَيَّ كَلامْ.
سَأَقُصُّ عَلَيْكِ حِكايَةَ جارِيَةٍ،
لا تَتْرُكُنِي فِي أَيِّ مَنامْ.
سُبِيَتْ فِي حَرْبٍ طاحِنَةٍ.
سُجِنَتْ فِي قَصْرِ مَلِيكٍ وَغْدٍ،
يَسْكُنُهُ وَعْدٌ.. وَرْدٌ.. وَحَمامْ،
نارٌ.. ماءٌ.. وَطَعامْ.
لا تَسْمَعُ إِلّا
ما تَبْغِيهِ وَكالاتُ الإِجْرامْ.
لا تَقْرَأُ تارِيخًا.. عِلْمًا.. أَدَبًا،
لا تَعْرِفُ شَيْئًا عَنْ شَيْءٍ،
لا تَحْفَظُ أَسْماءَ الأَيّامْ.
تَتَمَشَّى حافِيَةً
فِي القَصْرِ. عُيُونٌ
تَرْقُبُها. كَمَسِيحٍ
تَحْمِلُ فَوْقَ الظَّهْرِ صَلِيبًا
فِي دَرْبِ الآلامْ.
وَإِذا “خَرَجَتْ” لِزِيارَةِ جارَتِها،
تَتَنَبَّهُ “إِنِّي حافِيَةٌ”.
فَعَلَى سَطْرٍ مِنْ جَمْرٍ
تَنْتَعِلُ الأَحْلامْ،
وَتُصَلِّي: حَسْبِيَ رَبٌّ
يَعْرِفُ ما لا يَعْرِفُهُ الإِعْلامْ.