مهزومة بصداقتك

هيفاء بيطار
أنا صديقتك المفضّلة التي تحكي لها خصوصياتك, ونكشف لها أعماقك التواقة للحب و الارتباط …
أنا صديقتك التي تمتدح ذكاءها دوماً, وقدرتها على تفهم النفس البشرية.
أنا صديقتك التي تُحسُ بالبلبلة والضياع حين تسافر ولا تتمكن من التحدث إليها ….
أنا صديقتك الحزينة التي لا يمكن أن تقول لك ما توّد أن تقوله ..
أنا المرأة المتيمة عشقاً بكَ…
أنا التي ما عدت أتعرّف ذاتي بعد أن عرفتك, إذ شعرتُ أني تجاوزت شخصيتي إلى وجود جديد, وصار توازني النفسي يشبه توازن ملعقة على حافة كأس….
أنا الخائنة لصداقتك, لأنك لا تعرف كم أعشقك ….
وكيف أحس بمجرد أن أتنشق عطر جلدك أن وجودك ينهمر عليّ كما ينهمر رذاذ المطر على أرض مشققة من عطش الحرمان.
أنا العاشقة القابعة في كهف الصمت, أتخيلك وأسترسل مع أحلام يقظة تلحمني بكَ …
أنا المرأة الساكنة, الصامتة, المشحونة بكهرباء الرغبة … أحب أن أتخيّل لهفتك لحب امرأة أخرى, حين أسمعك تحكي عن توقك لتلك المرأة التي لم تلتقيها بعد أحس بطهم عذبٍ ممزوج بمرارة ينسكبُ في جوفي…
أتخيل كيف ستقـبّـل تلك المرأة الحلم, وكيف ستداعبها , تعبر جسدي رعشة نشوتِك…
ترتسم سعادتي في مرآة سعادتك, كما أنني ظللك ….
أتعرف, حين شربنا البيرة المثلجة قرب البحر , وأنا أنصتُ إليك تبوح لي بقلقك أنك لم تلتق المرأة التي تحب الارتباط بها, كنتَ تنظر للبحر , وأنا أنظر إلى وجهك شاعرة كيف تتفتح براعم شوقي لك , مرتبكة من جوع ٍ نهم لشفتيك المكتنزتين … أحسد سيجارتك التي تمتصها وحمالة مفاتيحك التي تدعكها بيديك …
أنصتُ لك بذهن شارد, وأنا أزن ثقل أشواقي الخجولة لك … وحين هبّت نسمة وطيّرت خصلات من شعرك الناعم صار الشوق يوجعني كما لو أن مسماراً مغروساً في قلبي .
فكرت أي اختراع رائع النظارة الشمسية التي تنجح إلى حد كبير في إخفاء إشعاعات الوجد من عيني العاشقين …
سألتك يومها : طيب ما صفات تلك المرأة التي تبحث عنها, وترغب أن تتزوجها وتنجب منها أطفالاً …
تدفقتَ بالكلام … ولن تعرف أبداً لماذا أسرعتُ إلى الحمام متعللة بأثار البيرة, هناك واجهتني مرآة الحقيقة, كاشفة كم شوّه الألم وجهي, واستعدتُ كلماتك , ياه , لم تكن فيّ صفة واحدة من صفات تلك المرأة, حلمُك !
لو تعرف كيف يمتد الشوق بداخلي ما إن اسمع صوتك وكيف لم أعد أميّز بين الألم والحب … يبدو لي الحب بداية الألم … أو لعل وخز الألم هو بداية الحب … لأني منذ أحببتك صرت أشعر بثقل ألم غير واضح المعالم.
متربعة فوق عرش سنوات الحكمة , أتنكّر لعقلي وأسمح لعواصف عواطفي أن تكتسح كل الحجج الباهتة المنطقية والعقلانية والبليدة التي لا يكف عقلي عن تذكيري بها …
أنا الصديقة التي خانت صداقتك, حين استسلمت لصحوة حواسي المفاجئة, حين شعرتُ فجأة أن النهار يشبه النور المُبهر وأن سواد الليل مشحون بكهرباء الرغبة الكامنة.
أنا الصديقة التي ما أن تسمع رنين هاتفك حتى يجتاحها فرح فائق الإثارة, لدرجة تصديق أن فرحاً كهذا موجود حقاُ .
أنا العاشقة المستسلمة لأحلام لن تتحقق …. أنا التي حولني الحب إلى فراشة, فنفضتُ الغبار عن الأغاني العاطفية, لأنها تساعدني كي أتجمّل ثقل أشواقي لكَ …. أنا التي ستراهن على آخر أمل وآخر حب, وتطوح بحصانة الصداقة, معرّية أعصابها المتوهجة بالشوق كأسلاك مضيئة ….
أنا التي ستتنكر لصداقتك, وتسفح دموع الوجد بين يديك أنا المهزومة بصداقتك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى