آخر صورة لسلوان.. القدس الشريف
د. معتز علي القطب | القدس – فلسطين
نَظرْتُ صَوبَكِ من شُبّاكِ مَسجِدِنا |
يا أرضَ سلوانَ يا أرضَ المحبّينا |
|
يا جارةَ المسجدِ الأقصى بقبلتهِ |
يا قُرَّةَ العينِ، اِحْييْ في مآقينا |
|
وَقَفْتُ أَبكي على أطلالِ سادَتنا |
قصورُ عزٍّ لأيامٍ تُعزّينا |
|
وبتُ أُرسِلُ أشواقاً لأزمِنَةٍ |
وأندُبُ العينَ والبستانَ والطّينا |
|
حيّيتُ نبعَكِ مبهورًا بلذتِهِ |
وجئتُ أذكرُ يومًا كانَ يَروينا |
|
والعقلُ يُبحرُ في ذكرى تألُّقِهِ |
مذ كانَ ماؤُهُ وقفاً للمُصلينا |
|
يا حسرةً بعدَ عزٍّ كانَ يملؤُهُ |
قد صارَ يَسقي أُناسًا غيرَ أهلينا |
|
وكانَ يَسقِي تُرابَ القُدسِ عن كرمٍ |
وكانَ ماءُهُ فوارًا ويَشْفينا |
|
يَجري ويدخلُ من أسوارِ بَلدَتِنا |
كأنَّما القلب قد مدَّ الشرايينا |
|
هل باتَ حكرًا لأنجاسٍ تُنجِّسُهُ |
جاءوا عُراةً لحوضٍ كانَ يَسقينا |
|
يا زمزمَ القُدس هل ما زلتَ تذكُرها |
أيامَ كانت وفودُ الحجِ تأتينا |
|
وتشربُ الماءَ من كفٍ مُبارَكَةٍ |
فماؤُكَ العذبُ فياضٌ يُرَوّينا |
|
وقفتُ في حيّك “البستانِ” أنظُرُهُ |
وأشهدُ الوردَ يشكو من تنائينا |
|
يكادُ يذبلُ من داءٍ ألمَّ بِهِ |
والجهدُ يبدو على وردٍ ينادينا |
|
أيتركُ الزهرُ للآفاتِ تُتلفهُ |
فكيفَ نشتمُّ في الأقصى رياحينا |
|
كفوا الجرادَ عن البستانِ واغتنموا |
فعلًا عظيمًا يعيدُ الزرعَ يُحيّينا |
|
أعيدوا الحياةَ الى البستانِ واجتهدوا |
ليزرعَ الآنَ أزهارًا ويسمينا |
|
يبقى لِأهلِهِ وضاءًا يفوحُ لنا |
عندَ الشبابيكِ ريحانًا وَنسرينا |
|
يا ربِّ أُلطف بآثارٍ مباركةٍ |
في وقف “حلوة” والبستان وادينا |
|
إني لسلوانَ مشتاقٌ لأحضُنَها |
حَضْنَ المحبينَ لا حَضْنَ المُواسينا |
|
أُقبِّلُ الأرضَ والبستانَ ألثُمُهُ |
أهواكِ يا قدسُ يا أرضَ المُحبّينا |