الصحافة الغربية: بَعْدَ الأَخْلاقِيَّاتِ قَوْلِاً أَوْ بَعْدَ اللاأخلاقيَّاتِ فِعْلاً! (4)
د. آصال أبسال | كوبنهاغن (الدنمارك)
كما جاء ذكره آنفا، فقد رُشِّح نهائيا كل من اللاعبين الثلاثة، العربي «المصري» محمد صلاح والأرجنتيني ليونيل ميسي والبولندي روبرت ليفاندوفسكي (تبعا للترتيب التبجُّحي «القدساوي» المأجور)، فقد رُشِّحوا للفوز بجائزةِ «أفضل لاعب في العالم للعام(الكوروني)2021»، من لدن ذلك الإفكِ المُسَمَّى تستُّرا بـ«الاتحاد الدولي لكرة القدم» FIFA، ذلك الإفكِ الذي كشفَ جُلَّ فسادِهِ وعهرِهِ الرَّسُوخَيْن المراسلُ الصحافيُّ الاستقصائيُّ البريطانيُّ، آندرو جَنِينْغْز، في كتابِهِ الشهيرِ، «يَا لَلْبَشَعِ! العَالَمُ الخَفِيُّ وَرَاءَ الاتِّحَادِ الدُّوَلِيِّ لِكُرَةِ القَدَمِ: من الرَّشَاوِي إلى تَزْوِيرِ الأَصْوَاتِ إلى فَضَائِحِ التَّذَاكِرِ» (يُنظر التوثيق المدوَّن).. وكما جاء ذكره آنفا كذلك، وبالأخصِّ إزاءَ ما ارتكبه المستعمِرُ الإنكليزيُّ من جرائمَ فظيعةٍ لم تزلْ حَيَّةً بإيلامِهَا المُرِّ في الذاكرةِ الجمعيةِ العربيةِ الرَّثِيمَةِ، سيبقى اللاعبُ العربيُّ «المصريُّ»، سواءً فازَ بهكذا جائزةٍ أم لم يَفُزْ، سيبقى نموذجًا مصنَّعًا تصنيعًا وضيعًا مِمَّنْ سُمُّوا بـ«الخادمين للقوة» Servants to Power، أولئك الخَدَمِ العبيدِ الذين قدموا زحفا على بطونهم نحوَ منابعِ المالِ الوفيرِ كي يخدموا «دولةً استعماريةً قويةً»، كمثل إنكلترا، لكيما تصيرَ في الأخيرِ أقوى فأقوى (ولا يختلفُ هؤلاءِ الخَدَمُ العبيدُ مبدئيًّا عن أي من أولئك الأكاديميين والطبابيين والتقنيين العرب الذين يعملون في الغرب أيضا).. وهكذا، فإن اللعبةَ المُسَمَّاةَ بـ«كرة القدم» إن هي إلا لعبةٌ استعماريةٌ كان الجنودُ الإنكليزُ يلعبونها في المستعمَراتِ الإنكليزيةِ في قارَّةِ آسيا، كبلادِ الهندِ، تمضيةً للوقتِ، أو قتلا للملل، بعد استئناسهم بـ«تسنينِ» قواعدها في مدارس «الوطن» في بداياتِ القرنِ التاسعَ عشرَ: إذ باتت هكذا لعبةٌ ذريعةً إغرائيةً بخسةً لإدراج أسماءِ أولئك اللاعبينَ في قائمةِ الترشيحِ للفوز المزيَّف بجائزةٍ كهذه من كلِّ عامٍ – فليهنأ، إذن، أولئك اللاعبونَ خَدَمًا عبيدًا من أمثال محمد صلاح ذاتا، فليهنأوا بهذا الإنجاز التاريخي الكبير مقدَّمًا بالهناءِ والشفاءِ لبلدِهم «الحبيبِ»، بلادِ مصرَ «الحبيبةِ»!!.. والآنَ، وبعدَ أن أُجريَ الحفلُ «الاِنتخابيُّ» مرئيًّا وسمعيًّا «عن بعدٍ» و«عن دونه» في مدينة زيوريخ يومَ السابعَ عشرَ من شهر كانون الثاني(يناير) هذا العامَ 2022، تمَّ التتويجُ «الأسطوريُّ» أخيرا لقحفِ اللاعب البولندي روبرت ليفاندوفسكي بالجائزة الإفكية المعنية مرةً ثانيةً على التوالي، وعلى الخلاف الكليِّ مِمَّا كان مأمولا به من الجانبين العربي و«المصري»، على أدنى تخمين.. وبالتالي، فقد جاء بدئيًّا قحفُ اللاعبِ البولندي روبرت ليفاندوفسكي في المرتبة الأولى (محرزا خمسَ نقاط)، ثم تلاه قحفُ اللاعبِ الأرجنتيني ليونيل ميسي في المرتبة «الوصيفية» الثانية (محرزا ثلاثَ نقاط)، ثم تلاه قحفُ اللاعبِ العربي «المصري» محمد صلاح في المرتبة «اللاوصيفية» الثالثة (محرزا نقطةً وحيدةً يتيمةً فقط): وإذ بالترتيبِ التبجُّحيِّ «القدساوي» المأجور يتجلَّى بعكسيَّته كليًّا – وواحسرتاه، بعد كلِّ ذاك من أملٍ مأمولٍ بما تلقَّى اللاعبُ العربي «المصري» في حوزته من عددِ نقاطٍ لافتٍ من كلا الجانبين العربي واللاعربي (الإسلامي)، كما دُوِّنت حصيلة هاته النقاط في القسم الثالث من هذا المقال..
لافتٌ كذاكَ، جَرَّاءَ التصويت قبل تلك الحصيلة، أن كلا من فلسطين ومصر قد منحتِ اللاعبَ العربي «المصري» المعني أعلى ما تستطيع منحه من نقاط في واقع الحال: الأولى منحته خمس عشرة نقطة (وهو الحد الأعلى فعليًّا)، والأخيرة منحته عشرَ نقاطٍ وحسبُ (نظرا لكونِهِ «قائدَ» المنتخبِ المصري، مِمَّا يحرمُهُ من حقِّ التصويت لنفسهِ فيُفقدُه بذاك خمسَ نقاطٍ أخرى).. لكنَّ المفارقةَ المثيرةَ للدهشةِ والهزءِ، في آن معًا مثلاً، هي أن منتخبًا «عربيًّا» كاليمن قد منحه ثلاث عشرة نقطة، بينما منتخبٌ «عربيٌّ» مماثلٌ كالمغرب قد منحه نقطة واحدة فقط، من طرف أول، وأن منتخبًا «عربيًّا» آخرَ كالجزائر قد منحه ثلاث نقاط فقط، بينما منتخبٌ «لاعربيٌّ» مغايرٌ كجيبوتي قد منحه خمس نقاط، من طرفٍ ثانٍ.. ومع ذلك، سيبقى اللاعبُ العربيُّ «المصريُّ» المعنيُّ، بالرغمِ من كونِهِ «قائدَ» المنتخبِ المصريِّ دوليًّا و/أو عالميًّا (لكي نعيدَ)، سيبقى نموذجًا مصنَّعًا تصنيعًا وضيعًا مِمَّنْ أُشيرَ إليهم بثُلَّةِ أو بفَلِّ «الخادمين للقوة»، أولئك الخَدَمِ العبيدِ الوافدين إلى منابعِ المالِ الوفيرِ كي يخدموا أسيادَهم الذين استعمروا بلادَهم زمانًا مديدًا، كي يخدموهم خدمةَ الفادين والمتفانين في أعقار ديارهم.. هذا هو المشهدُ الرياضيُّ الواقعيُّ وكذاك الافتراضيُّ الرديفُ، إذن، ومحمد صلاح هذا اللاعبُ العربيُّ «المصريُّ» بتمام نجوميَّته الدولية و/أو العالمية بالذاتِ على تفرُّدِها الفريدِ بأوج ذلك «التألُّقِ» كلِّه لا يعدو، في حقيقة الأمر، أن يكونَ «خادمًا» وفيًّا حفيًّا لإنكلترا، هذه «الدولةِ الغربيةِ الاستعماريةِ (الإمبرياليةِ) القويةِ»، «خادمًا» ذلولاً خذولاً و«مسلمًا مسالمًا» لا يفتأُ يقرأُ سورةَ «الفاتحةِ» في البدءِ من كلِّ مباراةٍ فعليةٍ في الداخل والخارج، يقرأُها داعيًا إلى اللهِ بكلِّ «خشوعٍ» و«ابتهالٍ» من أجلِ نصرةِ فريقهِ الإنكليزيِّ (الليفربولي)، ولا يفتأُ، والأنكى من هذا كلِّهِ، يركعُ ويسجدُ على وجهِ الأرضِ مع كلِّ هدفٍ يسجِّلُهُ في مرمى «عدوِّ» فريقهِ الإنكليزيِّ (الليفربولي) هذا – هكذا اصطناعٌ من سلوكيةٍ «إنسانيةٍ وأخلاقيةٍ»، في واقع الحال، هو ما ترغبُ في نشره الرسمي والعلني أيما رَغَبٍ جلُّ الصحائفِ الإنكليزيةِ، فضلا عن غيرها من وسائل الإعلام الأخرى، وعلى الأخصِّ تلك الصحائف والوسائل (والمواقع) التي تختصُّ في المجال الرياضي دون سواه، وذلك بغيةَ الترويجٍ الدعائيِّ الغوغائيِّ الطنَّانِ والأجوفِ قدَّامَ العالم بأسرهِ لصورةٍ ضوئيةٍ عن إنكلترا جدِّ «إنسانيةٍ وأخلاقيةٍ» بطابعها «الديمقراطي» في الأساس، صورةٍ ضوئيةٍ تقتضي، من بين ما تقتضيهِ على الصعيدِ «الضميريِّ والوجدانيِّ» تعيينا، بأن هذه الدولةَ (الغربيةَ) بالذاتِ لَأبعدُ ما تكونُ سلوكيةً عن أيما سمةٍ عنصريةٍ «لاإنسانيةٍ ولاأخلاقيةٍ» حينما يتعلَّق الأمرُ بالمقيمين من «العرب المسلمين» في هذه الـ«بريطانيا العظمى»!!.. فمن نافلة القول بعدَ كلِّ ذاك، إذن، أن أوضع وأدنأ وأزرى الصحائف الغربية عامةً والصحائف الإنكليزية خاصةً، في هذه القرينة «الإنسانيةِ والأخلاقيةِ» المفتعَلَةِ افتعالا بالذات، إنما هي تلك الصحائف الرسمية واللارسمية التي تختصُّ في المجال الرياضي تحديدا (كما ذُكر للتوِّ)، أو حتى تلك الصحائف النظيرات واللانظيرات التي تخصِّصُ عن عمدٍ قسما كبيرا جدًّا من مساحات صفحاتها (المكتظَّةِ بالهراءِ والتفاهاتِ والسفاسفِ، أصلا) لنشر كلٍّ مِمَّا استقدمَ ومِمَّا استجدَّ من مَاجَرَيَاتٍ «حَرِيَّةٍ» في هذا المجال الرياضي كذلك، كمثل صحيفة The Sun، وصحيفة Daily Star، وما شابه ذلك!!..
هذا، إذن، هو المشهدُ الصحافيُّ الواقعيُّ وكذاك الافتراضيُّ الرديفُ، بدورِهِ هو الآخرُ: بصريح القولِ، ها هنا، الصحافةُ الغربية التي لا تختصُّ في المجال الرياضي، أصلا، لَصحافةٌ كذوبٌ مُرائيةٌ أفَّاكةٌ بكلِّ ما في الكلمة من معنًى (أو بالكاد)، وعلى الأخصِّ ما تشاطرُ فيه من ترويجٍ انتقائيٍّ خسيسٍ لحقائقَ مشوَّهةٍ خدمةً لمآربِ هاتِهِ المؤسسةِ أو تيك الحكومةِ، مثلما ذُكر في آنفِ الأقسامِ من قبلُ – ناهيك، في المقابل، عن تنعيتِ نظيرتِها الصحافةِ الغربيةِ التي تختصُّ في المجال الرياضي، فعلا، كصحافةٍ أشدَّ كذبًا ورياءً وإفكًا، ولا ريبَ في هذا بَتَّةً.. فما بالُ القولِ، هنا أيضا، عن كلٍّ من المُقَلِّدَاتِ من ممثِّلاتِ الصحافةِ العربيةِ «اللارياضية» من حيث مشاطرتُها في ترويجٍ انتقائيٍّ أخسَّ، بأمثلةٍ جدِّ فاقعةٍ وجدِّ مهينةٍ، والمُقَلِّدَاتِ من ممثِّلاتِ الصحافةِ العربيةِ «الرياضية» من حيث مشاطرتُها في ترويجٍ انتقائيٍّ أخسَّ بكثير، وبأمثلةٍ أشدَّ فقوعًا وأشدَّ مهانةً حتى؟؟.. فأما بالنسبة إلى المُقَلِّدَاتِ من ممثِّلاتِ الصحافةِ العربيةِ «اللارياضية»، من جهةٍ أولى، فالدلائلُ الملموسةُ والدامغةُ التي تمَّ تبيانُها واستبيانُها على أمداءِ كذبِها وريائِها وإفكِها فيما سبق من مقالاتٍ نقديةٍ في هكذا مضمارٍ إنبائيٍّ و/أو إخباريٍّ لا تُعَدُّ ولا تُحصى – وعلى رأسِ هذهِ المُقَلِّدَاتِ، والحالُ هذهِ، صحيفةُ «القدس العربي» عينًا، هذهِ الصحيفةُ «العربية» و«الفلسطينية» المأجورةُ الغنيةُ عن التعريفِ بنفثِها «العفيفِ» أو «الطريفِ» أو حتى «الظريفِ» من السُّمُوم العنصرية والطائفية والتحزُّبية على تنوُّع أشكالها الجلية أو الخفية أو فيما بين هاتين المنزلتين.. وأما بالنسبة إلى المُقَلِّدَاتِ من ممثِّلاتِ الصحافةِ العربيةِ «الرياضية»، من جهةٍ أخرى، فالدلائلُ الملموسةُ والدامغةُ المعنيةُ على أمداءِ كذبِها وريائِها وإفكِها، فيما يتبدَّى، لا تحتاج إلى أيٍّ من ذينك التبيانِ والاستبيانِ بغيةَ الإثباتِ والتوكيدِ الفعليين، أمامَ الأبصارِ والبصائرِ، ما دامتْ هذه الأمداءُ مُثْبَتَةً ومُؤَكَّدَةً ذاتيًّا وتلقائيًّا وبأضعافٍ مضاعَفةٍ حتى – إذ من البداهةِ أنْ تُنَعَّتَ الصحيفةُ العربيةُ «الرياضية» المُتَحَدَّثُ عنها بتنعيتاتِ الوضاعةِ والدناءةِ والزِّرايةِ بمنتهاها، أو حتى أبعدَ من منتهاها، طالما أن هكذا صحيفةً عربيةً «رياضيةً» تتجلَّى أيَّمَا تجلٍّ كتقليدٍ مُعَمًّى لنظيرةٍ (أو نظائرَ) غربيةٍ إن هي إلا مثالٌ طرازيٌّ في هكذا تنعيتاتٍ، في المقامِ الأوَّل.. فعلى سبيل المثال، لا الحصر، خذْ أيةَ صحيفةٍ عربيةٍ «رياضيةٍ» في وسطِ الجزائر (تلك التي منحَ منتخبُها «العربيُّ» محمد صلاح ثلاثَ نقاطٍ مُصَوَّتَةٍ وحسبُ، مقابلَ جيبوتي التي منحَهُ منتخبُها «اللاعربيُّ» خمسَ نقاطٍ، كما ذُكر)، ولسوفَ ترى سائرَ تنعيتاتِ الوضاعةِ والدناءةِ والزِّرايةِ تلك مجسَّدةً بالحرفِ وبالمجازِ كلَّ التجسيدِ بين طيَّاتِها دونما الاستثناء، كمثلِ صحيفةِ «الهَدَّاف» أو صحيفةِ «الشِّبَاك» أو صحيفةِ «الكُرَة»، أو حتى غيرِها من تلك الصحائفِ من ذواتِ العناوينِ «المُفَرْنَسَةِ-المُعَرْبَنَةِ» التي يخجلُ كلُّ ذي لُبٍّ حَصيفٍ حتى من مجرَّدِ ذكرِها بالاِسْمِ أو بالرَّسْمِ ليس إلا.. ويا لَلإعجَازِ، يا لَلإعجَازِ من آيِ الذكرِ الحكيمِ، في هكذا قرينةٍ بأصلِها وفصلِها، «وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا» (يوسف: 26): فها هو الكاتبُ الصحافيُّ الجزائريُّ سعيد الخطيبي يُدلي بدلوِهِ بين الدِّلاءِ – كاشفًا، أولا، عن مدى عنصريةِ الجمهورِ الجزائري «الرياضي» إزاءَ الأفارقةِ الآخرينَ إلى حدِّ الاستخفافِ والاستهانةِ والاِزدراءِ، وبالتحديدِ حين يحدثُ لمنتخبِ الجزائر «العربي» أن يخسرَ المباراةَ أمامَ نظيرٍ أفريقيٍّ، مقارنةً بحدوثِ خسارتِهِ إيَّاها أمامَ نظيرٍ أوروبيٍّ، ذلك الحدِّ الذي حذَّرَ فرانتز فانون بالذاتِ من عقباهُ الذميمةِ والدميمةِ في إطالةِ عمرِ الاستعمارِ الغربيِّ أكثرَ فأكثرَ – وكاشفًا كلَّ الكشفِ، ثانيا والأنكى من ذلك كلِّهِ، عن مدى ترويج المُقَلِّدَاتِ من ممثِّلاتِ الصحافةِ الجزائريةِ «الرياضية» تلك لمثلِ هكذا حدٍّ سِفْلٍ سَفُولٍ وبأساليبَ إشهاريَّةٍ في منتهى الزيفِ والحقارةِ والقذارةِ، وحتى من لدن جمهورٍ جزائري «لارياضي» لكيما يزيدَ في الطينِ بِلَّةً فوقَ كلِّ هذا (يُنظرُ، مثلا، تقريرُهُ الأخيرُ: «الجزائر التي لم تقرأ فرانتز فانون»، من إصدار «القدس العربي» يوم 28 كانون الثاني (يناير) عام 2022)..
مَا حَذَّرَ منهُ الكاتبُ السياسيُّ الثوريُّ الفذُّ فرانتز فانون (وهو «الأسودُ» المستعمَرُ الذي قد تخلَّى عن كاملِ «فرنسيَّتِهِ المَارْتِنِيكِيَّةِ» عَامِدًا متعمِّدًا إبَّانَئِذٍ، وهو الذي قد توخَّى الاِنتماءَ من ثمَّ إلى تلك الجبهةِ المُسَمَّاةِ بـ«جبهة التحرير الوطني» FLN، في رَحِمِ الجزائرِ إبَّانَ ثورتِها البركانيةِ ضدَّ الاِستعمارِ الفرنسيِّ في مجمعِ الخمسينياتِ وفي مطلعِ الستينياتِ من القرنِ الفارطِ)، ما حذَّر منه هكذا كاتبٌ إنسانيٌّ ضميريٌّ قلبًا وقالبًا، إذن، لَمِنَ الأهميةِ بمكانٍ في هكذا سياقٍ لاصِحِّيٍّ يكتظُّ بشتَّى الضغائنِ العنصريةِ وبأشتاتِ الأحقادِ القوميةِ والعرقيةِ مكنونةً في ألبابِ جمهورٍ أفريقيٍّ (شماليٍّ) مستعمَرٍ، كمثل الجزائر، ومبثوثةً بالتالي تجاهَ ألبابِ جمهورٍ أفريقيٍّ (جنوبيٍّ) مستعمَرٍ آخَرَ مثلَهُ، كمثل غينيا أو مالاوي أو سيراليون، أو غيرها.. ذلك لأن الجزائرَ المستعمَرةَ ذاتَها، قبل كلِّ شيءٍ، قد كابدتْ وقد قاستْ من سُمُومِ عنصريةِ فرنسا المستعمِرةِ عينِها، على المستويين النفسي والاجتماعي كليهما، ما يكفي كفايةً للتشديدِ الشديدِ على التحذيرِ الأشدِّ خطورةً والأشدِّ ضرورةً من تبعاتِ، لا بل من مغبَّاتِ، أن يزاولَ المستعمَرُ كَمًّا قبيحًا قميئًا من سلوكيةِ المستعمِرِ بالعينِ في حقِّ مستعمَرٍ آخَرَ مثلَهُ – تمامًا كما كان يفعلُ جلُّ أولئك العبيدِ السَّفَلَةِ الأذلاءِ معتوفي الحواجبِ ومُسَطَّحِي الأقحافِ، أولئك العبيدِ الإمَّعَاتِ (أو «عبيد المنازل» House Slaves، باصطلاح الثائر الأفرو-أمريكي الفذِّ الآخَرِ مالكولم X)، تمامًا كما كانوا يفعلون غدرا وخُبثا ونكثا بنظرائهم (أو حتى بصنوانهم) من أولئك «العبيدِ» الأباةِ الأُثَلاءِ والرُّزَنَاءِ، أولئك «العبيدِ» النَّفُورينَ واللاجِّينَ والمتمرِّدينَ (أو «عبيد الحقول» Field Slaves، مقابلا للاصطلاح ذاتِهِ)، وذلك من أجلِ الالتماسِ والكَسْبِ الدَّنِيَّيْنِ والشَّائِنَيْنِ لرضا الأسيادِ العتاةِ، في الحيِّزِ الأوَّل.. ففي هذا السياقِ اللاصِحِّيٍّ المكتظِّ بالوباءِ العنصريِّ والقوميِّ والعرقيِّ في حدِّ ذاتِهِ، إذن، لا تسودُ سيدودةً نفسيةً واجتماعيةً، في نهايةِ المطافِ، سوى تلك الأعراضِ اللاسويةِ (أو حتى المَرَضيةِ) حين تصاحبُ ما يُسَمَّى في علم النفس بـ«عقدة الأجنبي» أو ما ماثل، هذهِ العقدةِ العُصَابيةِ التي تعني حرفيَّا «الكَلَف بالأجنبي» Xenophilia، والتي تتفشَّى كذاكَ، أكثرَ ما تتفشَّى في أكثريةِ مجتمعاتنا العربيةِ المستعمَرةِ أصلا، بين ذهنياتِ من يستحوذُ عليهم شعورٌ هُجَاسيٌّ مستديمٌ، أو شبهُ مستديمٍ، بالدُّونِيَّةِ أو بالنَّقْصِيَّةِ قدَّامَ أيِّ شخصٍ أو شيءٍ قادم من الغرب الأوروبي والأمريكي تحديدًا.. بيدَ أن الطامَّةَ الكُبرى، في كلِّ هذا السياقِ اللاصِحِّيٍّ المُحَرَّضِ تاريخيًّا من مواقفِ اليمينِ وأقصى اليمينِ إزاءَ المهاجرينَ واللاجئينَ من العربِ ومن غيرِ العربِ في هذا الغربِ، هي أن تتجلَّى «عقدة الأجنبي» المُتَكَلَّمُ عنها بأزرى معانيها ذهنيًّا وسُلوكيًّا في هيئاتِ تحرير المُقَلِّدَاتِ من ممثِّلاتِ الصحافةِ الجزائريةِ «اللارياضية»، كمثلِ طاقم الذكور الآسِنينَ الوَضِرينَ والجَهُولينَ من هيئةِ تحريرِ تلك المجلةِ التَّبُوعِ المدعوَّةِ بـ«المجلة الثقافية الجزائرية»، مثلاً لا حصرًا – إذ يكفي أن يُنظرَ إلى المادة المثبتة في صدارةِ صفحتها الرئيسية لكيما يُتَبَيَّنَ أنها في أكثر الأحيانِ مادةٌ موضوعةٌ لكاتبٍ أجنبي مغمور (فرنسيٍّ عادةً)، وأنها مادةٌ مكتوبةٌ بمستوًى متدنٍّ أيَّما تدنٍّ من حيث الطرح الفكري و/أو الأدبي، وأنها مادةٌ مترجَمةٌ (والأردأ من ذلك كلِّهِ) بمستوًى أكثر تدنِّيًا بكثيرٍ حتى من حيث العرض اللغوي و/أو النحوي.. فليسَ ثمَّةَ، فضلا عن ذلك، أقذر أو أحقر من هكذا طاقم ذكوري يرتكبون الخطأ الفني مرارا بحقِّ كاتبٍ معيَّنٍ أو كاتبةٍ معيَّنةٍ، ثمَّ يلجأون بكل قذارةٍ وبكل حقارةٍ إلى الامتناع الحرون عن نشر موادِّ هذا الكاتب أو هذه الكاتبة، لمجرد تلقِّيهم منه أو منها تذكيرًا تصويبيًّا بهكذا خطأ فني، أو لمجرد تلقِّيهم (وهنا التخرُّص يبلغ منتهاه) بعضًا من التعليقات الانتقادية على تعفيسهم الإداري في كل من التحرير والنشر، مدّعين بكل هكذا تخرُّص بأن هذه التعليقات الانتقادية إنما هي من لدن الكاتب المعني أو الكاتبة المعنية – وحتى لو صحَّت تلك «الأدلة» التي يدَّعون متمادين في التخرُّص أبعدَ فأبعدَ بأنها في حوزتهم، في واقع الأمر، فهل هذه كُلا، بحقِّ السماءِ، «جريمةٌ» تستحقُّ من هكذا طاقم ذكوري كلَّ هكذا امتناعٍ عسفيٍّ واعتسافيٍّ عن نشر موادِّ الكاتب المعني أو الكاتبة المعنية؟؟..
كان يُظنُّ كلَّ الظنِّ وإلى حدِّ اليقينِ أن هناك «محررًا» خنزيرًا قذرًا حقيرًا قد حطَّم الرقمَ القياسيَّ في جهل معنى التعامل الإنساني أو الحضاري أو حتى الأخلاقي مع الكاتب أو الكاتبة (بأيةِ صفةٍ كانتْ)، وقد حطَّم الرقمَ القياسيَّ كذلك في ذاتِ التصرَّف الاعتباطًي الخنزيري، لا بل ما دون الخنزيري، بغير احترامٍ للذاتِ على أهوائه القذرةِ الحقيرةِ في إيقاف نشر مساهماتِ الكاتب أو الكاتبة (بأيةِ صفةٍ كانتْ)، وقد حطَّم الرقمَ القياسيَّ كذلك في مدى انعدام الاحترام الضميري أو التقدير الوجداني للجهد الجهيد والملحوظ من كل الحدود الذي يبذلُهُ الكاتبُ المعنيُّ أو تبذلُهُ الكاتبةُ المعنيَّةُ في مساهَماتهما الجادَّة (بأيةِ صفةٍ كانتْ)، وقد حطَّم الرقمَ القياسيَّ كذلك في عينِ التحوُّل «الاغتباطًي» الخِنَّوْصِيِّ، لا بل ما دون الخِنَّوْصِيِّ، إلى محرِّفٍ محترفٍ ومحوِّرٍ مائنٍ وجاهلٍ فِسْلٍ زرِيٍّ استبداديٍّ طغيانيٍّ همجيٍّ حوشيٍّ وحشيٍّ ومروِّجٍ يروِّجُ عن نفسِهِ بكلِّ حميَّةٍ دَنِيَّةٍ بأنه (لا يروم من الكاتب أو الكاتبة سوى النزاهة والصدق والأمانة) وما إلى ذلك من ترويج دعائيٍّ غوغائيٍّ طنَّانٍ وأجوفَ كاذبٍ في كلِّ ما يدعو إليه (بأيَّةِ هيئةٍ دَعَوِيَّةٍ كانتْ)!!.. صار الآن يوقَنُ باليقين المطلق (أو بالكاد) بأن هناك «محررًا» خنزيرًا قذرًا حقيرًا آخَرَ قد حطَّم هذه الأرقامَ القياسيةَ كلَّها دونما الاستثناء، ألا وهو: ذلك المحرِّفُ المحترفُ الذَّكَرُ القذرُ الحقيرُ الذي تجشَّمَ العناءَ بالردِّ «النهائيِّ» كممثِّلٍ أقذرَ أحقرَ عن طاقم الذكور الآسِنينَ الوَضِرينَ والجَهُولينَ من هيئةِ تحريرِ تلك المجلةِ التَّبُوعِ المدعوَّةِ بـ«المجلة الثقافية الجزائرية»، مثلاً لا حصرًا!!..
°°°
تعريف بالكاتبة
ولدتُ في مدينة باجة بتونس من أب تونسي وأم دنماركية.. وحصلتُ على الليسانس والماجستير في علوم وآداب اللغة الفرنسية من جامعة قرطاج بتونس.. وحصلتُ بعدها على الدكتوراه في الدراسات الإعلامية من جامعة كوبنهاغن بالدنمارك.. وتتمحور أطروحة الدكتوراه التي قدمتُها حول موضوع «بلاغيات التعمية والتضليل في الصحافة الغربية» بشكل عام.. ومنذ ذلك الحين وأنا مهتمة أيضا بموضوع «بلاغيات التعمية والتضليل في الصحافة العربية» بشكل خاص..