التعليم عملية تربوية وليس مجرد مهنة
رحاب يوسف | مفكرة تربوية وأديبة فلسطينية
هنالكَ مَن يَعتقدُ – خَطَأً – أنَّ التدريسَ هو – فقط – نَقلُ مَعلوماتٍ ومَعارِفَ مما في الكتاب إلى عُقولِ الطلاّب، فتُصبِحُ مَهَمَّتُهُ إنهاءُ المِنهاج، ومن ثم مَهَمَّةُ المُشرِفِ مُراقَبَةُ المُعَلّم، هل أنهى المِنهاجَ أم لا؟ وهل حَصَلَ الطلابُ على مُعَدَّلٍ عالٍ؟ لكنّ المَفهومَ الحَقيقيَّ للتدريس هو عَمَليّةٌ إنسانيّةٌ من أجل نَقلِ مَعارِفَ، وعُلومٍ، وقِيَمٍ، ومبادئَ، واتّجاهاتٍ، وتغييرٍ في السلوك.
في عملية التدريس يُستَهدف الطالبُ من ثلاثة جوانبَ: المعرفةُ، والمَهارَةُ، والوجدانية، وينبغي على المُعَلّم أن يُرَكِّزَ على قِيمةٍ ما يُحَدِّدُها قبل دُخولِه الحِصَّة، ويَزرَعُها في طلابه.
نَجِدُ الطالبَ يَحفظُ الحَديث النبَويَّ عن ظهرِ قَلبٍ، لكنّه لا يُطَبِّقُه؛ لأنَّ مُعَلِّمَهُ لم يُسَلِّط الضوءَ على التطبيق، فعلى المعلم نَقلُ الطالب من حالة التلَقِّي السلبي إلى المُشارِك في العمليّة التعليميّة، حتى يُصبِحَ عنده حالةُ شَغَفٍ في البحث والاستقصاء.
يقومُ التدريسُ على التخطيط، ثم التنفيذِ والتقويم، عمليةُ التخطيط هيَ تَصَوُّرٌ مُسبَقٌ لكلِّ ما يَجري في الحصَّة من كتابة الأهداف بطريقَةٍ ذكيّةٍ، مَعرِفيّةٍ، ومَهاريّةٍ، ووجدانيّةٍ، أهمُّ هذه الأهداف هو الهَدَفُ الوجدانيُّ والروحيُّ، والذي سيكون طويلَ المَدى، وسيصاحِبُ الطالبُ في جميع مَحَطّات حياته، كل الموادِّ تَشتَمِلُ على الأهداف الوجدانيّة – حتى الموادّ العلمية – فتوزيعُ الطلاب في حصّة الرياضيّات إلى مجموعاتٍ يُنَمّي في الطالب قيمةَ التعاون، والتخطيط، والنظام، وتوزيع الأدوار واحترامها.
جَهلُ المُعَلِّم باختلاف الطلاّب من ناحية أعمارِهِم، ثقافَتِهم، مُستَويات التفكير، واحتياجاتِهم الخاصَّة، وعدم فَهمِه للواقع، يَقودُه إلى تعليمٍ غير فَعّال، الطفلُ مَفطورٌ فِطرَةً سليمَةً يُحِبُّ الاكتشافَ والأسئلة، وأنا كمُعَلّمٍ عليَّ تطويرُه، وإكمالُ مَسيرِه، فلا أُخرِسُه وأُسكِتُه إلى الأبَد، دَرَّستُ في مدرَسَةٍ كلُّ مَن فيها يقولُ: “اخرسي” – الكلُّ دون استثناءٍ – وأنا لَمْ ألفُظها في حياتي قَطُّ، أمُرُّ بالصفوف، وأسمَعُ المُعَلِّمات يَقلنَ: “اخرسي ،اخرسي”، عندما شَكَوتُ عُنفَ سُلوكِ الطالبات، قالت لي إحدى المُعَلِّمات: “اضرِبيهِنَّ وأخرِسيهِنَّ”، ذهبتُ إلى أَحَد الصفوف، وإذا بطالِبَةٍ تقولُ لزميلتها: “اخرَسي”، استَهجَنتُ التصَرُّف، بَعَثتُها للإدارة، والغريبُ في الأمر أنَّ الطالبات قُلن لي: “الأمرُ طبيعيٌّ يا مُعَلِّمَتي”، مَرَّت الأيام وإذا بي ينزَلِقُ لساني، وأقولُ لأحداهُنَّ: “اخرسي”، نفسُ الطالبة وَقَفَتْ لي، وقالت: “تقولينَ اخرَسي يا مُعَلّمتي”، وقد اعتَرَضَتْ على تَلَفُّظي بها، وقفتُ حائِرَةً وقلتُ لها: “مَعَكِ حَقٌّ”، وابتَسَمَتْ لأنَّها أكَّدَت ذاتَها، ولم تَخَفْ مني، قلتُ لها: “لن أخشى عليكِ بعد الآن؛ لأنك ستؤكِّدين ذاتَكِ”.
تشخيصُ الواقِعِ مُهِمٌّ جِدّاً، فخصائِصُ طُلّاب المَرحَلَة الثانوية يختلف عن الأساسيّة، طُلابُ الأساسيّة خيالُهم واسِعٌ، ينبغي عَدَمُ كَبحِ جِماحِهِم، مُعَلِّمَةُ المَرحلة الأساسية تُريدُ طُلّابَها مَكتوفي الأيدي، وكأنَّ سَكتَةً أصابَتهُم، كنتُ أسمَعُ مُعَلّمَةً تقول عباراتٍ خارِجَةً وجارِحَة، مثل: “يعدمكم اللي خلفوكم، يقطع زَرعِة أهاليكم”، تريدهم مكتوفي الأيدي للتحَدُّثِ مع زَميلتها في الصفِّ المُجاوِر لصَفِّها، والمشكلةُ أنَّ المُديرَة تَعلَمُ بأمرِها، أما الآن فالبعضُ لا يَتَكَيَّفُ مع مُعطَياتِ العَصر المُتَغَيِّر؛ لذلك يَشعُرُ بغُربَةٍ في حِصَّتِه، ومَن لا يَتَقَدَّمُ يَتَقادَمُ.
عندما عَصَفَ بالعالَمِ وباءُ (فيروس كورونا) هَبَّ المُعَلِّمون والمعلمات بإنشاء المجموعات – وأنا إحداهن – أتدارَسُ مع الطالبات دُروسَ النحو والعروض، يُشاركنَني الشرحَ والحَلَّ، وعَمَليَّةُ التَّعَلُّم، واستنتاجُ القواعدِ والنتائج، ثم نتبادَلُ رسائلَ الشوقِ .
أما مِحوَرُ التنفيذ يَكمُنُ في الذكاء في التَّهيِئَة في كيفيّة دُخول المُعَلِّمُ إلى الدرس، ينبَغي على المعلّم أنْ يُحِبَّ مِهنَتَهُ على الرَّغم من صُعوبَتِها من لَحظَةِ خُروجِه من البيت حتى وصوله إلى المَدرَسَة، ويَشعُرُ بالفخر؛ لكونِه رَسولٌ يحمِلُ أسمى رسالَةٍ، ضميرُه يَقِظٌ، يَصمُدُ أمام جَبَروت المُعَوِّقات من احتلالٍ وحَواجِزٍ، وتأخُّرِ الرواتب أحياناً، واختلاف بيئات الطُلّاب، مُستَوعِباً كُلَّ ما هو حَولَهُ، واسعُ المدارِكِ، يَجمَعُ بين المعرفة والتفَنُّنِ بالأساليب والوسائل، رغم ضَعفِ المَوجوداتِ والإمكانيات أحياناً، يَمسَحُ عن عُقول وقلوب طُلابه كُلَّ غُبارٍ.
رَبطُ المُعَلّمِ المِنهاجَ بالحياةِ الواقعيّة يَجعَلُ المُتَعَلِّم يَشعُرُ بقيمةِ وأهميّةِ ما يَتَعَلَّم، يَتَلَقَّى المَعارفَ بوَلَهٍ وشغف، يطمَعُ دائماً للمزيد من خلال تقديم القِصَصِ، والبراهين، والأدِلَّة، والقِصَص الواقعيَّة، فكُلّما خَرَج الطالبُ إلى الحياة ولمَسَ مَوقِفاً، سيتَذَكَّرُ ما تَعَلَّمَهُ، ووَجَدَ أثراً للتعَلُّم من حِصَّةٍ مُتَنَوِّعَة المَعارف، تُشبِهُ الفُصولَ الأربعة.
يَقطَعُ المُعَلِّمُ نِصفَ المِشوار إذا فَعَّلَ دِماغَ الطالب، على المُعَلِّم أن يكون ذَكيّاً في استثارة دِماغ الطالبِ وإزعاجِه، يقولون في عِلم النفس: “الدماغُ عبارَةٌ عن فلقَتين: يُمنى ويُسرى، اليُمنى مَسؤولَةٌ عن الصُوَر والخيال والمَشاعِر، واليُسرى مَسؤولَةٌ عن الألفاظ، والكَلِمات، وحَلّ المُشكلات، والتَفكير المَنطقي؛ لذا على المُعَلِّم أن يَضَع في بالِه كيفيّةَ تَقديم المَعلومَة بشكلٍ يَستَثير الفِلقَتين، مثلاً: عند تدريس القرآن، أعطِهِ صوتاً وترتيلاً، فالألحانُ تَستَثيرُ اليُمنى، والكلماتُ تَستَثيرُ اليُسرى.
المُعَلِّمُ مِحوَرُ العَمَليَّةِ التعليميّة، وكم من صَفٍّ لا يشتَمِلُ إلا على سَبُّورَةٍ خَشَبيّةٍ وطباشيرَ، لكنَّ مُعَلِّمَهُ يَملِكُ هِمَّةً عاليةً، ثابتاً مُرَفرِفاً بأجنحته نحو الشمس، مُتَرنّماً بأناشيد التجَلُّد والصبر، وطُلّاباً كُلَّهُم شَغَفٌ وحُبٌّ للتعَلُّم، وكم رأينا من صفوفٍ مُجَهَّزَةٍ بأجهِزَةٍ حَديثةٍ، وسبّورَةٍ ذكِيَّةٍ، ومُعَلِّمهُ فيه من الخُمول والعِلَّةِ ما يَجعَلُ الطلّابَ يَكرَهون التدريس.
قد يعتقدُ البعضُ أنَّ التعليمَ مُجَرَّدُ مِهنةٍ يتقاضى المُعَلِّمُ منها آخِرَ الشهر راتباً يُسَدِّدُ دُيونَهُ، وجمعيّاتِه، وقروضَهُ، فالتعليمُ وظيفةٌ لا يُتقِنُها الجميعَ، تتطلّبُ الكثيرَ من الخِبرَة، والاحترافيّة، وضبطَ النفس، والثقافةَ، والاطِّلاعَ، والجِّدَّ الذي يَسحَقُ كُلَّ خُمولٍ وكَسَلٍ، فالمُعَلِّمُ سِراجٌ يَقودُ أسرابَهُ الطلابُ نحوَ فَضاءِ أحلامِهم بسِحرِ مَعارِفِه، فلا يَتَلعثَمُ كلّما فاجأه طُلّابُه بسؤالٍ، ولا يُحاوِلُ سَترَ جَهلِه بإجاباتٍ سَطحيَّةٍ، يُلَملِمُها من هنا وهناك.
المُعَلِّم حَلَقةُ وَصلٍ بين الطالب والمِنهاج، المُعَلِّمُ الناجحُ الذي يعيشُ الحياةَ بتَطَوُّراتِها لبناءِ المُستَقبل، يقول الصحابيُّ عليُّ ابنُ ابي طالبٍ: “إن أولادَكُم وُلِدوا لزَمانٍ غير زَمانِكم”، فإنّا تَربَّينا على عاداتٍ وتقاليدَ مُختَلِفة عن العادات والتقاليد التي تَرَبَّى طُلّابُنا عليها، بسبب التغييرات الكثيرة، وبسبب الثورَةِ التكنولوجيّة التي بدأت أواخرَ الثمانينات وبداية التسعينات، هذه الثورةُ اليومَ لا مجالَ لإيقافِها والسيطرةِ عليها، الذكيُّ مَن يأخُذ هذه الأمورَ بعَين الاعتبار؛ لمُواكَبَة الطالب، ويَنزِلَ من قَصرِه العاجيِّ إلى مُستواه، وتفكيرِه، وعاداتِه، وثقافَتِه، وفَهم واقِعه، وإلا سيَعيشُ الطالبُ في عالَمٍ، ونحنُ في عالَمٍ، فتتكوَّنُ فَجوةٌ كبيرةٌ بين العالميْن.
العلاقةُ المِثاليّةُ بين الطالب والمُعَلّم هي العلاقةُ المَبنيّةِ على الثقة بين الطرَفَين، من خلال تقويّةِ العَلاقات، وتَفَهُّم التغَيُّرات التي يَمُرُّ بها الطالب واحتياجاتِه واحتوائِه، ووجودِ لُغَةٍ مُشتَرَكَةٍ بينهما؛ حتى يَصِلا لعلاقةٍ إيجابيّةٍ.
نجاحُ أيّةِ مُؤسَّسَةٍ تَعليميّةٍ من خلال التفاهم والتعاون بين الإدارة والهيئة، تَعمَلان وكأنَّهما في خليَّةِ نَحلٍ، كُلُّ فَردٍ في المؤسَّسَةِ يَعرِفُ ما له من حقوقٍ، وما عليه مِن واجباتٍ.
لا تقتَصرُ الحِصَّةُ – والتي مدتها أربعون دقيقة – على التعليم فقط، اليوم اختَلَف دورُ المُعَلِّم مع مُتَطَلَّبات الحَياة الكثيرة، وفي ظِلِّ بُعد الأهالي عن الأبناء، فعلى المُعَلِّم أن يقومَ بدور الأب والمُرَبّي، يَسمَعُ طُلابَهُ دون تضييع الحصة، بنَظرَةٍ، بكَلِمَةٍ، يُبَيِّنُ له أنّه مَوجودٌ، ويُشعِرُه بذاتِه، وأنَّه يَحِسُّ بما يريدُ قَولَهُ، أكثَرُ من مَرَّةٍ أواجِهُ طالباتٍ يُرِدنَ مُعانَقَتي واحتضاني، ليَتَبَيَّنَ لي فيما بعد أنَّهُنَّ فقدنَ أمَّهاتِهِنَّ، أو تعبيراً عن مَشاعر الحُبِّ والاحترام.
إحدى الطالبات كانت تُحِبُّني إلى دَرَجَةٍ كبيرةٍ جِدّاً، كانت مُتَفَوِّقَةً، لكنّها تُخفي يَدَها تحتَ المَقعَد دائماً أثناءَ الحِصَّة، وأثناءَ التنقُّلِ بين المَقاعِد – فجأةً – لَمَحتُ يَدَها، وإذا ببعض أصابعها مَبتورَةٌ، كانت صدمَةُ الطالبة كبيرةً عندما اكتشفتُ ذلك، فطلبتْ مِنّي أن تَخرُجَ إلى السبّورة لتَرسُم، أخَذَتْ تَرسُمُ رُسوماتٍ مُشَوَّشَةً غيرَ مَفهومةٍ، ولسُوءِ حَظّها – أو حسنه – كان آخِرَ يَومٍ لي في هذه المدرسة، كنتُ قد انتقلتُ معَ مُعَلِّمَةٍ للتدريس في مدرسةٍ للذكور، والمدرسة كانت عبارةً عن مَسلَخٍ، المعلّمون يَضربون الطلابَ بشكلٍ عنيفٍ.
أحَدُ الطُلّابِ أخذَ يتقرَّبُ منّي وكأنّني أمّهُ، كان مُشاغِباً جِدّاً، لكنّه في حِصّتي لا يُبدي أيّةَ فوضى، كان يعيشُ مع أمّهِ المُنفَصِلَةِ عن أبيه الذي كان حَظُّهُ منه اسمَ الغنى والشُهرة، كان من عائلةٍ مَعروفَةٍ، لكن يبدو أنَّ العائلةَ لفَظَتهُ، ولَفَظَتْ أمَّهُ.
كثيراً ما نرى الأهلَ يُهاجمون المُعلّمين، وكأنَّهُ تَضارُبُ مَصالحٍ، ولا يدرون أنَّ القاسِمَ المُشتَرَك هو الطالبُ، فأحياناً نرى اختلافاً في الرؤى، فكيف نُوَفِّقُ بين الأهل والمدرسة؟ وكيفَ نُوصِلُ رِسالةً لأولياء الأمور مفادُها أنَّ المُعَلّمَ مُكمِلٌ لدَورِهم، ومُرَبٍّ لابنِهم؟
حتى نبنى ثِقَةً بين المُعَلِّمِ والأهل، علينا إعطاؤها للطالبِ أوّلاً، وإنْ حَصَلَ سُوءُ فَهمٍ بين المُعَلّم وأهلِهِ، فلا يَحصُلُ أمامَهُ، بل أُعلِمُه الاحترامَ المُتَبادَلَ والتعامُلَ الإيجابيَّ عن طريق التفكير، والتواصُلِ المُستَمِر، وخَلقِ أجواءٍ مُريحَةٍ غير مُتَشَنِّجَةٍ، وأنَّ المُعَلِّمَ يَعمَلُ من أجلِ مَصلَحَةِ المُجتَمَع كُلِّه، وعلى الإدارة ألاّ تُغلِقَ بابَ المَدرَسَةِ في وَجهِ أيِّ وليِّ أمرٍ، بل على الإدارَةِ والهَيئَةِ أن تكونا ليِّنَتين، وتحترما الأهالي، وألا يقُلَّل من هَيبَتِهم أمام أبنائِهم – كما حَصَلَ في إحدى المدارس – حيثُ جاءَ وَلِيُّ أمرِ طالِبَةٍ يَسألُ عن مُعَدَّلِ ابنَتِه؛ لأنَّهُ شَكَّ أنَّ هناك خَطأً في جَمع العَلامات، فراجَعَ مُعَلّمَةَ المادّةِ التي هَبّتْ به بصَوتٍ مُزلزِلٍ أمام ابنَتِه، ثم تَبَيَّنَ أنَّ الطالِبَة لها في ذمّة المُعَلّمة عَشرُ علاماتٍ!
في مَوقِفٍ آخر استغربتُ سؤالَ المُديرةِ للطالبات – كُلٌّ على حدةٍ: ماذا يَعمَلُ والِدُكِ؟ وإذ بها تُريدُ أن تَعرِفَ إنْ كان صاحبَ سُلطَةٍ؛ لتتَحاشى الطالبةَ، ومُخالَفَتَها، وسُلوكَها، وعندما كانت تعَرِفُ أنَّ والدَ الطالبةِ بَسيطٌ، ولا يَملِكُ مَركِزاً اجتِماعيّاً كانت تُعاقِبُ الطالِبَةَ، وتُرَبِّي بها المَدرَسة بأكملها، فكانت تَكيلُ بمِكيالَين.
لتَحسين العَلاقات بين المُعَلِّم والأهالي ينبغي إشراكَهم في الندوات، والمُناسَبات، والأعمال التطوُّعيّة، ووضعَ خُطّةِ تَوَقُّعاتٍ: ماذا يَتَوَقَّعُ الابن من الأهل؟ وماذا يَتَوَقَّعُ الأهلُ من الطالب؟ وللمرشِدِ دَورٌ إيجابيٌّ كبيرٌ في الوقوف عن كَثَبٍ، كيف نَخلِقُ في هذا المثلث (الطالب، والأهل، والمعلم) أضلاعاً قويّةً توصل بيننا؟ إنَّنا نُكمِلُ بَعضَنا عن طريق الإصغاءِ للآخر، والثقَةِ المُتَبادَلَة، فالطالبُ في مرحلة المُراهَقَة يَبحَثُ عن ملجأ وملاذٍ له عندما يَمُرُّ بحالاتٍ مُعَيّنةٍ؛ لأنه قد يُعاني التَّنَمُّرَ داخلَ المدرسة، أو يعاني الإقصاءَ وعَدَمَ التحفيز، على المُرشِدِ المَدرَسِيِّ ألا يذهَبَ إلى حِصَّتِه وهو يَتَأفَّفُ، ظانّاً أنَّ دَورَهُ تَعبِئَةُ كُرسِيِّ مَكتَبِه أو شُرب الشاي والقهوة فقط.