أهملت المطبات.. فأصبحت جبلاً
سلام محمد العبودي
تحولت بعض المواد الدستورية, إلى مطباتٌ أنتجت أزمات, لعدم تنظيمها بقوانين, أو تم الاتفاق عليها ضمن سياسة, أعطيك وتسكت عما أحصل عليه, حيث لا يمكن بناء دولة مؤسسات, بل سيكون الصراع محتدماً لو حصل تغيير؛ لما هو معتاد عليه حسب المتفق عليه.
جاء في المادة السابعة/ أولاً /” يحظر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له، وبخاصة البعث ألصدامي في العراق ورموزه وتحت أي مسمى كان، ولا يجوز إن يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق، وينظم ذلك بقانون” إلا أنَّ ذلك لم يتم تطبيقه, ليتغلغل من يروج للإرهاب وحزب البعث, تحت تسميات انتفاضات شعبيه وتجمعات عشائرية.
مما تم ذكره في الدستور الدائم, ضمن المادة 18 رابعاً” يجوز تعدد الجنسية للعراقي، وعلى من يتولى منصباً, سيادياً أو أمنياً رفيعاً ,التخلي عن أية جنسية أخرى مكتسبة، وينظم ذلك بقانون” إلا أنَّ الواقع يقول غير ذلك, فقد تسنم عدة سياسيين, مناصب وهم يحملون جنسيات متعددة, مما ساعد بعودتهم إلى تلك البلدان, بعد انتهاء الدورة الحكومية, أو الهرب لمن ثبت عليهم الفساد, أو المشاركة في الإرهاب, أو الترويج للإرهاب, وحزب البعث المحظور, وصرح بعضهم علانية, في الفضائيات دون خوف أو حياء.
لا يمكن لأي مشرع أن يسن دستوراً, خاليا من بعض الإشكاليات, وعليه فإن التعديل واردٌ عند ظهور, ما يُخِلُ بالأسس العامة, والحفاظ على روح الدستور, ولتأخذ مثالاً على ذلك, المادة 112 أولا” تقوم الحكومة الاتحادية, بإدارة النفط والغاز المستخرج, من الحقول الحالية, مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة, على أن توزع وارداتها بشكل منصف, يتناسب مع التوزيع السكاني, في جميع أنحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدة محددة, للأقاليم المتضررة والتي حرمت منها, بصورة مجحفة من قبل النظام السابق, والتي تضررت بعد ذلك, بما يؤمن التنمية المتوازنة, للمناطق المختلفة من البلاد, وينظم ذلك بقانون “ ذَكر المشرع حين كتابة الدستور, جملة من الحقول الحالية, ليصطاد إقليم كردستان تلك الجملة, وجعلها تصب لصالح الإقليم, بعيداً عن تصرف الحكومة الاتحادية, والتحكم بالحقول المستكشفة, بعد إقرار الدستور.
تلك المواد وما فيها من المصطلحات المبهمة؛ التي أقرها الدستور في حينه, ووضعها تحت إطار “تُنظم بقانون” لم تأخذ بعين الاهتمام, فبقيت كمطبات أحدثت أزماتٍ, قد تودي لتقسيم العراق, كما حصل باستفتاء انفصال, إقليم كردستان يوم 25/9/2017, والذي على نسبة موافقة 92%, ما يتيح لكردستان الانفصال, وتحقيق دولة كردستان الكبرى, الحلم بها الكرد, وقد أعلن مسعود بارزاني, في 3 /شباط/ 2016 “أن الوقت حان, لكي يقرر أكراد العراق مصيرهم, في استفتاء على الاستقلال عن بغداد.“
أصدرت المحكمة الاتحادية قراراً, أحقية الحكومة الإتحادية, التعاقدات النفطية التي أبرمتها حكومة الإقليم, بعد إثارتها وتحريكها, من قبل النائب علي شداد الفارس, ليكسب الدعوى بمخالفة تلك العقود, للمواد الدستورية” ١١٠/ /١١١/ 112/ 115/121/١٣٠” من الدستور العراقي الدائم لعام 2005, ما يعد إثباتاً لحق تم الصمت عنه, لأعوامٍ حرمت العراقيين, في كافة المحافظات من عائدات كبيرة.
مما لاشك فيه ويؤسف عليه, أن ما يطلق عليه ألغاماً دستورية حقيقي, وليس حرباً سياسية, كما يروج لها بعض الساسة, تِلك الألغام تحت المطبات, التي أصبحت جبالاً, قد تنسف العملية السياسية برمتها, وتمزق العراق الموحد.