إذا لم تعرف وجهة شركتك ونهاية الطريق فلا داعي لأن تتحرك من مكانك
عباس آل حميد | الشريك التنفيذي – مزارز في عمان
تحديد الوجهة الإستراتيجية
تتمثل الخطوة الأولى في إجراءات الإدارة الإستراتيجية في تحديد عناصر الوجهة الإستراتيجية، وهي الغاية والغرض من الإستراتيجية ومن وجود المؤسسة أو الكيان الذي يُخطَّط له، فمن دون معرفة وجهتك لا معنى لأن تتحرك من مكانك أصلًا. وتمثل الوجهة الإستراتيجية نهاية الطريق الذي نريد الوصول إليه، ولذا فهي الأساس الذي يتم في ضوئه تحديد الطريقة الملائمة التي ينبغي أن نسلكها (وتمثل الخطة الإستراتيجية). وبعد الانتهاء من عمليات التحليل الإستراتيجي نراجع الوجهة الإستراتيجية التي جرى تحديدها للتأكد من صحتها وواقعيتها، وتعديلها في ضوء النتائج التي توصلنا إليها في عمليات التحليل الإستراتيجية.
يشمل تحديد الوجهة الاستراتيجية تحديد كل من العناصر التالية:
1. الرؤية الإستراتيجية
الرؤية ببساطة صورة جذابة جميلة للمؤسسة كما نريدها أن تكون في المستقبل عندما تنجح في تحقيق مهمتها (رسالتها).. ويُفترض في الرؤية أن تمنح الموظفين إحساسًا كبيرًا بالغرض الذي من أجله أنشئت المؤسسة؛ كي يروا أنفسهم “يشيدون بناء”، ولا يضعون حجارة.. وعليه فالعبارة التي نصوغ بها رؤية المؤسسة يجب أن تكون واضحة وملهمة، كما يحبذ أن تتسم بالقصر ما أمكن.. ولكن انتبه إلى أن تحديد رؤيتك الإستراتيجية يعتمد على أهدافك ورغباتك الحقيقية الكامنة وراء إنشائك للمشروع أو المؤسسة التي أنت بصددها، ولذا يجب أن تكون صادقًا وواضحًا مع نفسك أثناء توثيقك لرؤيتك الإستراتيجية، لأنها الغاية الحقيقية التي تسعى إليها، ويجب أن تكون ماثلة دائمًا أمامك وأمام من تستعين بهم في عملك لتحقيقها والسعي نحوها، لأنها ستلعب الدور الأكبر في تحديد إستراتيجيتك وتفاصيلها.
2. الرسالة الإستراتيجية
أما رسالة المؤسسة فهي سبب وجودها، أو بعبارة أخرى: المهمة التي على المؤسسة إنجازها بشكل صحيح كي تحقق رؤيتها في المستقبل.ولتوضيح المسألة يمكن اعتبار “الرسالة” الطريق التي تسلكها المؤسسة لتُحقق رؤيتها.. وعليه، إذا أرادت المؤسسة أن تظل فعالة ونشطة وقادرة على تحقيق رؤيتها الإستراتيجية فينبغي لها مراجعة رسالتها والتحقق من دقتها بشكل دوري مرة كل بضع سنين… والخطأ الذي يرتكبه كثيرون لدى صياغة الرسالة هو جعلها معقدة ومتشابكة مما يجعلها عصيَّة على الفهم، ومن ثم فعند صياغة رسالة المؤسسة يُرَاعَى أن تكون واضحة ودقيقة وملهمة في الوقت ذاته.
3. قيم المؤسسة
القيم هي المبادئ أو الافتراضات الأساسية التي تؤثر في طرق عمل المؤسسات وثقافتها، وتوفر القيم مبررًا للسلوك، ولذا فلها تأثير كبير في القرارات، وتُشكل أساس أسلوب إدارة أي مؤسسة، ويمكن رؤيتها في كل ما تفعله المؤسسة. إن قيم المؤسسة وثقافتها تمثلان قوة دفع هائلة حين تتوافقان مع إستراتيجية المؤسسة، لكنهما -في الوقت نفسه- يمكن أن تمثلا تهديدًا خطيرًا إذا أضعفتا قدرة المؤسسة على مواجهة تحديات المنافسة أو التكيف مع ما يحيط بها من متغيرات، وحينئذ تدفعان المؤسسة إلى حالة من الجمود والفشل.
4. مجالات التركيز (السياقات) الإستراتيجية
قبل الشروع في وضع الخطة الإستراتيجية لتحقيق رسالة المؤسسة يجب أولًا ترجمة هذه الرسالة إلى مجموعة من مجالات التركيز الإستراتيجية في ظل منظومة قيم المؤسسة ومبادئها، وتتحدد عادة فيثلاث مجالات إلى خمس مجالات من شأن التركيز عليها إنجاح المؤسسة في تحقيق رسالتها الإستراتيجية.
وهذه الخطوة ضرورية لتحديد الأهداف الإستراتيجية ومن ثم الأنشطة التي ينبغي على المؤسسة القيام بها، وأي نشاط تقوم به المؤسسة ولا يقع في هذا الإطار ينبغي للمؤسسة التوقف عنه، اللهم إلا إن كان القيام به لضرورة استثنائية.