ومتى توقفت عنصرية الغرب كي تعود؟

خالد جمعة | فلسطين

الغربي يرى نفسه مختلفاً عن شعوب “العالم الثالث”، تلك التسمية التي أطلقها هو بذاته، وصدقها، وبغض النظر عن الوقت الذي كان فيه الشرق يصدر الحضارات إلى العالم لآلاف السنوات، الشرق من الصين إلى المغرب العربي، إلا أن الغرب، بتجربته الحديثة في التطور، والتي بدأت مع الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، بدأ بطرح تصورات فلسفية عن نفسه، ومع مرور الوقت صدقها، وبدأ يتصرف بناء عليها.

لم يكن هناك وقت في التاريخ لم يكن الغرب فيه عنصرياً، حتى حين يستقبل اللاجئين من بلاد العالم، كان يستقبلهم بصفته السيد الذي يعين الشعوب الأقل تقدماً وحضارة، وحين تدخل نقاشا عميقا مع أي غربي مهما كان مدعيا للإنسانية والديمقراطية، فإن هناك نقطة معينة يتحول عندها إلى “بربري” وتعود الأشياء إلى أصلها.

ينسى الغرب دائما أن مجده بني على استغلال ثروات أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وثروات القارات الغربية في العالم حين تمت إبادة الهنود الحمر، وحين تمت سرقة خيرات أفريقيا وتُركت شعوبها تعاني الفقر والجهل والجوع، ومع ذلك فإن الادعاء الديمقراطي الإنساني، سرعان ما يتكشف عن وجه بشع في لحظة حقيقة واحدة.

التصريحات التي تصدر، سواء مقصودة، أو زلة لسان، عن أن الأوروبيين متطورون وذوو بشرة بيضاء وعيون زرقاء، ومختلفون عن اللاجئين السوريين وغيرهم، هي تصريحات تعبر بوضوح عن النزعة العنصرية التي تتملك الروح الأوروبية في عمقها، أما القشرة الخارجية، فتكفي هبة ريح واحدة، نسمة، أن تزيلها.

أصبحت المقاومة “فجأة” فعلا مطلوبا وقانونيا، أصبحت المقاومة فعلاً مدعوما من العالم ومُرحبا به، أما دمار فلسطين واليمن وسوريا والعراق، فهو دائماً على الهامش، لأن الفلسطينيين واليمنيين والسوريين والعراقيين لا يملكون ما تملكه أوروبا، بشرة بيضاء وعيون زرقاء، هذا كل ما في الأمر.

فرنسا، لا تملك منجم ذهب واحد، ولكنها تمتلك واحدا من أعلى احتياطات الذهب في العالم، في حين أن مالي تمتلك عشرات المناجم، ولا تملك ذهباً، والسبب أن فرنسا كانت هناك لمحاربة الإرهاب… يا إله المصالح.

العنصرية ليست مبدأً متعارفاً عليه بشكل كلي دائم عند الغرب، إنها تتخذ شكل الماء في الحيز الذي يوجد فيه، فهي ليست عنصرية إذا خدمت مصلحة الرأسماليات العالمية، وهي عنصرية إذا وقفت ضد هذه المصالح، هكذا هو الأمر ببساطة، وهكذا هي لعبة السياسة والمال في العالم، كانت، وما زالت، وستظل هكذا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى