معا لحماية الأسرة المصرية ” حق الرَّتْقُة “أنموذجًا
د. حسام لطفي أستاذ متفرغ بكلية الحقوق – جامعة بني سويف
نستحضر بداية ما قضى به خليفة المسلمين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه وأرضاه، في شأن حبيبة بنت زريق. وكانت نساجة طرازة، أرملة عمر بن الحارث، من أن تستأثر بنصف تجارة زوجها في الملابس، قبل تقسيم الأنصبة على الورثة الشرعيين، سابقة خير واجبة الاتباع حيث تسمى بـ “حق الرَّتْقُة” تفعيلاً معاصرًاً لما قرره الشارع الحكيم للمطلقة من حق المتعة بعد إنقضاء العلاقة الزوجية، حيث لا يتصور حرمان الزوجة من أن تستمر في مستواها المعيشي بعد فراق زوجها بطلاق منه بإرادته المنفردة أو وفاته مادامت كانت إلى جواره راعية لبيته وداعمة لجدران منزله وحاملة عنه تبعات حياة زوجية تتطلب مشاركة من كل الوجوه في الاضطلاع بأعباء حياتية يومية .
وقد تزامن مع الدعوة إلى حماية الأسرة المصرية توافر مرجعيتين أولهما هي لمباركة شيخ الأزهر لإعمال “حق الرَّتْقُة” كلما كان للزوجة دور في تنمية ثروة الزوج خلال حياتهما الزوجية دون إلتفات إلى ما حققه من إيرادات في مرحلة سابقة أو معاصرة، حيث الهدف هو ما زاد وربى في ثروته جراء الدور الإيجابي للزوجة فيه، وثانيهما صحيح الفتوى الصادرة من مجمع الفقه الاسلامي الدولي بقرار رقم 227 (23/11 بشأن أثر عقد الزوجية على ملكية الزوجين (مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي، المنعقد ي دورته الثالثة والعشرين بالمدينة المنورة ، خلال الفترة من19- 23 من صفر سنة 1440 هـ ، الموافق 28 من أكتوبر- الأول من نوفمبر 2018 م ) حيث أكدت الفتوى على أن للزوجة أذا انتهت العلاقة الزوجية بالطلاق أو التطليق أو الخلع وأحدث لها ذلك ضرراً، فإنه من حقها أن تلجأ للقضاء مطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها تفعيلاً معاصراً لما قرره الشارع الحكيم للمطلقة من حق المتعة بعد الطلاق، مع الدعوة إلى انشاء مؤسسات حكومية أو أهلية لرعاية المطلقات لسد حاجتهن .
ولا يجب أن يفهم من الحرص على دعم جهود مؤسسة الأزهر في ترجحيها كفة فقه الكد والسعاية والإنتصار لفتوى شرعية من مجمع الفقه الاسلامي الدولي، أن الغرض هو استهداف ثروة الزوج، حيث يتمثل وعاء الفتوى فيما استحدث من نماء في ثروة الزوج خلال فترة قيام العلاقة الزوجية فقط . كما لا يجب أن يزعم البعض أن الفتوى ستؤدي إلى تفاقم ظاهرة العنوسة حيث مرد عزوف الشباب عن الزواج هو شعور من المرأة أنها ستدخل في زيجة تسلبها نجاحها المهني وتهبط بسقف طموحتها لتتفرغ لمنزل الزوجية ،وينتهي بها المطاف بنفقة هزيلة لمدة ستة أشهر ونفقة متعة أقصاها حصيلة ضرب النفقة الشهرية في ستين شهرا ، وتترك المنزل الذي أمنت له عناصر الاستقرار والنجاح لتبحث عن منزل آخر لا تملك ثمنًا لشرائه أو مقابلًا لأجرته .
من هذا المنطلق ندعو إلى حوار مجتمعي نبدد فيه الخلط بين “فقه الكد والسعاية” بالمفهوم الشرعي ، وواقع الحياة الذي يسلب الزوجة المطلقة أو التتي غيب الموت عنها زوجها ، حقها في ” حياة كريمة”، وهو شعار يرفعه رئيس الجمهورية من أجل خير مصر لكل المصريين ، وآن الآوان لإعمال الحديث الشريف المؤكد أن المسلمين يرزقون بضعافهم ، وهو شعار لابد أن تعمل الكنيسة المصرية على أن تمتد مظلته للمسيحيات ، في إطار قانون جديد مأمول ينظم آثار الطلاق لكل المصريين ليحمي المتضررين من إنقضاء العلاقة الزوجية بمظلة تأمين إجتماعي توفر مناخ أفضل لأسر مصرية سعيدة .