إسرائيل في موقع حرج.. الأزمة الأوكرانية وتداعياتها على الشرق الأوسط
Palestine Digest
تتخوف إسرائيل، من ناحيتها، من أن يؤدي الشعور بأن النظام العالمي الذي تهمين عليه الولايات المتحدة الأميركية قد يتضعضع إلى تشجيع أعداء إسرائيل في المنطقة على توسيع عملياتهم التي تستهدفها، كما تتخوف من أن تقوي الأزمة الأوكرانية، وتصاعد التوتر بين المحور الروسي/الصيني والمحور الأميركي/الأوروبي، مواقع إيران في المفاوضات الجارية في فيينا حول برنامجها النووي، وتدفع المحور الغربي إلى تقديم مزيد من التنازلات إليها. وبحسب تقديرات طاقم من الباحثين في معهد السياسات والاستراتيجيا في مركز هرتسليا المتعدد المجالات، فإن زعزعة النظام العالمي وصعود روسيا والصين كقوتين عالميتين تتحديان الهيمنة الأميركية سينعكس على موازين القوى في الشرق الأوسط، وعلى قدرة إسرائيل على المناورة بين واشنطن وبيجين وموسكو، كما أن صعود النفوذ الروسي والصيني في الشرق الأوسط سيكون له تأثيرات مباشرة في السباق الإقليمي على التسلح وفي التفوق النوعي العسكري لإسرائيل. كما قد يكون له تداعيات سلبية على الاعتداءات الدورية التي تشنها إسرائيل في سورية ويقيّد حرية عملها فيما تسميه بـ “المعركة بين الحروب”.
الأزمة الأوكرانية الحالية وضعت إسرائيل في موقف حرج، إذ كان لها في العقد الأخير علاقات جيدة مع روسيا، من جهة، ومع أوكرانيا، من جهة ثانية، ولم يكن عليها في الماضي مواجهة خيار لا ترغب فيه واختيار الطرف الذي يجب أن تؤيده. أما الآن، وبعد التطورات التي طرأت على هذه الأزمة، فقد بات هامش مناورتها ضيقاً، وخصوصاً أن التوترات بين كييف وموسكو تسبب اضطرابات متعلقة بالهوية بين الإسرائيليين من أوكرانيا وأولئك من روسيا، إذ يوجد في إسرائيل ما يقرب من 1.1 مليون يهودي من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، يشكلون 16٪ من السكان اليهود في إسرائيل. وعلى الرغم من أن الإسرائيليين الآخرين يطلقون على هؤلاء اليهود اسم “الروس”، فإنهم يأتون في المقام الأول من أوكرانيا وروسيا وينقسمون بالتساوي بين الناطقين بالأوكرانية والروسية (400000 لكل مجموعة). وبينما دعت وزارة الخارجية الإسرائيلية الإسرائيليين الذين يعيشون في أوكرانيا (حوالي 10000 إلى 15000) للعودة على الفور، يقدّر بعض المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين الكبار أن حوالي 200000 مواطن أوكراني مؤهلون للانتقال إلى إسرائيل بموجب قانون العودة. وفي هذا السياق، قالت وزيرة الهجرة والاستيعاب بنينا تامانو شطا إنها أصدرت تعليمات لوزارتها بالاستعداد لسيناريو تهجير عشرات الآلاف من المهاجرين في حالة هجوم روسي.
أما على الصعيد الفلسطيني، فالتخوف هو أن تساهم الأزمة الأوكرانية، وتطوراتها، أكثر فأكثر في إبعاد الأنظار على الصعيد العالمي عن القضية الفلسطينية، وتسمح لإسرائيل في الاستمرار بتنفيذ مشاريعها الاحتلالية والاستيطانية، وهو تخوف يفرض على الفلسطينيين تحضير أنفسهم لمعارك شديدة قادمة لن يكون في وسعهم خوضها قبل ترتيب أوضاع بيتهم الداخلي.